للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} الآية، ولحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- عند مسلم وغيره، قال: أتى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يرخص له، فيصلي في بيته، فرخّص له، فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة؟ "، قال: نعم، قال: "فأجب"، ورَوَى نحوه أبو داود بإسناد حسن عن ابن أم مكتوم، قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فإذا كان هذا في مطلق الجماعة، فالقول به في خصوصية الجمعة أولى. انتهى، وهو بحث نفيسٌ.

وأما من لا يسمع النداء لبعد مكانه، أو لكونه خارج المدينة، فلا يجب عليه إتيانها؛ لعدم السماع، بل يجب عليهم إقامتها في محلهم؛ لكونهم من أهل وجوب الجمعة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في وقت صلاة الجمعة:

(اعلم): أنهم قد اختلفوا في وقت صلاة الجمعة، فذهب الجمهور، إلى أن وقتها بعد الزوال، فلا تصحّ قبله.

وذهب الإمام أحمد، وطائفة من السلف إلى أنها تجوز قبل الزوال.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "بابٌ وقتُ الجمعة إذا زالت الشمس"، وكذلك يُروَى عن عمر، وعلي، والنعمان بن بشير، وعمرو بن حُريث -رضي اللَّه عنهم-.

قال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهو قول أكثر الفقهاء، منهم الحسن، والنخعيّ، والثوريّ، وأبو حنيفة، ومالك، والشافعيّ.

وذهب كثير من العلماء إلى أنه يجوز إقامتها قبل الزوال.

قال: وحكى الماوردي في كتابه "الحاوي" عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- أنه تجوز صلاة الجمعة قبل الزوال، وهو مذهب أحمد، وإسحاق، نقله عنهما ابن منصور، وهو مشهور عن أحمد، حتى نُقل عنه أنه لا يختلف قوله في جواز إقامة الجمعة قبل الزوال، كذا قاله غير واحد من أصحابه.

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- في حديث أنس -رضي اللَّه عنه-: "كنا نُبكّر بالجمعة، ونَقيل بعد الجمعة":

هذا مما يَستدلّ به من يقول بجواز إقامة الجمعة قبل الزوال؛ لأن التبكير، والقائلة لا يكون إلا قبل الزوال، وقد ثبت أنهم كانوا في عهد عمر