للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١١ - (ومنها): أنه قال القاضي عياض -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه حجة لكون السعي إنما يجب بسماع الأذان، وأن شهود الخطبة لا يجب، وهو مقتضى قول أكثر المالكية.

وتُعُقِّب بأنه لا يلزم من التأخُّر إلى سماع النداء فوات الخطبة، بل تقدم ما يدلّ على أنه لم يفت عثمان -رضي اللَّه عنه- من الخطبة شيءٌ، وعلى تقدير أن يكون فاته منها شيء فليس فيه دليل على أنه لا يجب شهودها على من تنعقد به الجمعة، قاله في "الفتح" (١).

١٢ - (ومنها): أنه قد استَدَلّ بعضهم بقوله: "كان يأمر بالغسل" أن الغسل يوم الجمعة واجب، وهذا الاستدلال ضعيفٌ؛ لأنه لو كان واجبًا لرجع عثمان حين كلمه عمر -رضي اللَّه عنهما-، أو لَرَدّه عمر حين لم يرجع، فلما لم يرجع، ولم يؤمر بالرجوع، وبحضرتهما المهاجرون والأنصار دَلّ على أنه ليس بواجب، وهذه قرينة على أن المراد من قوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحديث الذي فيه: "فليغتسل" ليس أمر إيجاب، بل هو للندب الأكيد، وكذا المراد من قوله: "واجب" أنه في التأكّد كالواجب جمعًا بين الأدلة، قاله في "العمدة" (٢)، واللَّه تعالى أعلم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[١٩٥٦] (. . .) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣) يَقُولُ: "إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ").


(١) "الفتح" ٢/ ٤٢٠.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٦/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٣) وفي نسخة: "ألم تسمعوا أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-".