للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التأكد كالغسل، وإن كان الترغيب ورد في الجميع، لكن الحكم يَختَلِف إما بالوجوب عند من يقول به، أو بتأكيد بعض المندوبات على بعض (١).

(قَالَ طَاوُسٌ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي اللَّه عنهما- (وَيَمَسُّ طِيبًا، أَوْ دُهْنًا إِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِهِ؟) معناه: هل ذكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حين ذكر غسل يوم الجمعة مسّ الطيب، أو الدهن إن وُجد عند أهله معه؟ (قَالَ) ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- (لَا أَعْلَمُهُ) أي: لا أعلم ذكره -صلى اللَّه عليه وسلم- له معه.

وقال الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ-: مضمون هذا أن ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- روى عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الغسل للجمعة، وأنه لم يكن عنده من ذكر الطيب والدهن علم، فيَحْتَمِل أنه نفى أن يكون يعلم ذلك عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويَحْتَمِل أنه نفى أن يكون ذلك مستحبًّا بالكلّيّة، فإنه إذا لم يكن عنده عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فيه شيءٌ، فإنه يقتضي التوقّف في استحبابه. انتهى (٢).

وفي رواية البخاريّ المذكورة: "قال ابن عباس: أما الغسل فنعم، وأما الطيب فلا أدري"، قال في "الفتح": هذا يخالف ما رواه عُبيد بن السَّبّاق عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا: "من جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان له طيب فليَمَسَّ منه"، أخرجه ابن ماجه من رواية صالح بن أبي الأخضر، عن الزهريّ، عن عُبيد، وصالحٌ ضعيف، وقد خالفه مالك، فرواه عن الزهريّ، عن عُبيد بن السبّاق بمعناه مرسلًا، فإن كان صالح حَفِظَ فيه ابنَ عباس احتَمَلَ أن يكون ذَكَرَه بعدما نسيه، أو عكسَ ذلك. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ١٩٦١ و ١٩٦٢] (٨٤٨)، و (البخاريّ) في


(١) "الفتح" ٢/ ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٢) "فتح الباري" لابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٨/ ١١٥.