للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة": الساعة: اسم لجزء مخصوص من الزمان، وَيَرِدُ على أنحاء: أحدها: أنها تُطلق على جزء من أربعة وعشرين جزءًا، وهي مجموع اليوم والليلة، وتارةً تُطلق مجازًا على جزءٍ ما غيرِ مقدر من الزمان، فلا يُتَحَقَّق، وتارةً تطلق على الوقت الحاضر، ولأرباب النجوم والهندسة وضعٌ آخر، وذلك أنهم يُقَسِّمون كل نهار وكل ليلة باثني عشر قَسْمًا، سواء كان النهار طويلًا أو قصيرًا، وكذلك الليل، ويُسَمُّون كل ساعة من هذه الأقسام ساعةً، فعلى هذا تكون الساعة تارةً طويلةً، وتارةً قصيرةً، على قدر النهار في طوله وقِصَره، ويسمون هذه الساعات الْمُعْوَجَّة، وتلك الأولى مستقيمةٌ. انتهى (١).

(لَا يُوَافِقُهَا) أي: لا يصادفها، أعمّ من أن يقصدها، أو يتّفق له وقوع الدعاء فيها (عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ يُصَلِّي) جملة حاليّة من "عبدٌ"، وفي الرواية التالية: "قائمٌ يصلي"، وللبخاريّ: "وهو قائمٌ يصلي".

قال في "الفتح": قوله: "وهو قائم يصلي، يسأل اللَّه" هي صفات لـ "مسلم"، أُعربت حالًا، ويَحْتَمِل أن يكون "يصلي" حالًا منه؛ لاتصافه بـ "قائم"، و"يسأل" حالٌ مترادفةٌ، أو متداخلةٌ.

وأفاد ابن عبد البر أن قوله: "وهو قائم" سقط من رواية أبي مصعب، وابن أبي أويس، ومُطَرِّف، والتِّنِّيسيّ، وقتيبة، وأثبتها الباقون، قال: وهي زيادة محفوظة عن أبي الزناد، من رواية مالك، وورقاء، وغيرهما عنه، وحكى أبو محمد بن السِّيد، عن محمد بن وَضّاح، أنه كان يأمر بحذفها من الحديث، وكأنّ السبب في ذلك أنه يُشْكِل على أصح الأحاديث الواردة في تعيين هذه الساعة، وهما حديثان: أحدهما أنها من جلوس الخطيب على المنبر إلى انصرافه من الصلاة، والثاني أنها من بعد العصر إلى غروب الشمس، وقد احتَجَّ أبو هريرة على عبد اللَّه بن سلام لَمَّا ذكر له القول الثاني بأنها ليست ساعة صلاة، وقد ورد النصّ بالصلاة، فأجابه بالنصّ الآخر أن منتظر الصلاة في حكم المصلي، فلو كان قوله: "وهو قائم" عند أبي هريرة ثابتًا لاحتجّ عليه بها، لكنه سَلَّم له الجواب، وارتضاه، وأفتى به بعده.


(١) "عمدة القاري" ٦/ ٣٥٠.