الصحابيّ الشهير، شهد بيعة الرضوان، ومات -رضي اللَّه عنه- بالمدينة سنة أربع وسبعين (ع) تقدم في "الإيمان" ٤٤/ ٢٨٨.
والباقيان ذُكرا في الباب.
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وله فيه شيخان قرن بينهما؛ لاتّحاد كيّفية التحمّل والأداء منه، ومنهما أيضًا.
٢ - (ومنها): أن فيه رواية الابن عن أبيه.
شرح الحديث:
(عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ) سلمة بن عمرو بن الأكوع، نسبه في السند إلى جدّه، أنه (قَالَ: كُنَّا نُجَمِّعُ) أي: نصلّي الجمعة (مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) هذا صريح في أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي الجمعة بعد الزوال (ثُمَّ نَرْجِعُ، نَتَتَبَّعُ الْفَيْءَ) -بفتح، فسكون- يقال: فاء الظلّ يفيء فَيْئًا: رجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق، والجمع فُيُوءٌ، وأَفْيَاءٌ، مثل بيت، وبُيُوت، وأَبْيَات، وتقدّم أنه لا يكون إلا بعد الزوال.
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذه الأحاديث ظاهرة في تعجيل الجمعة، وقد قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعيّ، وجماهير العلماء من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم: لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس، ولم يُخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل، وإسحاق، فجوّزاها قبل الزوال.
قال القاضي عياضٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وروي في هذا أشياء عن الصحابة، لا يصحّ منها شيء إلا ما عليه الجمهور، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجليها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء، والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة؛ لأنهم نُدبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها، أو فوت التبكير إليها.
وقوله:"نتتبع الفيء" إنما كان ذلك لشدة التبكير، وقصر حيطانهم.
وفيه تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير.
وقوله:"وليس للحيطان فيء يُستظلّ به" موافق لهذا، فإنه لم يَنفِ الفيء