للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} الآية [البقرة: ١٩٦]، كما سيأتي في "كتاب الحجّ" -إن شاء اللَّه تعالى- واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ) بن عبد اللَّه بن مسعود (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ) أي: عن قصّته -رضي اللَّه عنه- (قَالَ) الفاعل ضمير أبي عبيدة، وليس ضميرَ كعب -رضي اللَّه عنه- أي: قال أبو عبيدة (دَخَلَ الْمَسْجِدَ) الفاعل ضمير كعب -رضي اللَّه عنه-، يعني: أن كعب بن عُجرة -رضي اللَّه عنه- دخل المسجد؛ أي: مسجد الكوفة (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ) -بفتح المهملة، والكاف- هكذا هو عند المصنف، و"سنن النسائيّ": "ابن ام الحكم"، ووقع في "السنن الكبرى" للبيهقيّ: "ابن الحكم" بدون "أم".

وعبد الرحمن ابن أمّ الحكم هذا: هو عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عثمان الثقفيّ، المعروف بابن أمّ الحكم، وهو ابن أخت معاوية بن أبي سفيان بن حَرْب، استعمله معاوية -رضي اللَّه عنه- أميرًا على الكوفة في سنة (٥٨)، وبعد سنة، أو أكثر عُزِل عنها، توفي بعد معاوية سنة (٨٣) (١).

فـ "عبد الرحمن" مبتدأ، خبره جملة (يَخْطُبُ) وقوله (قَاعِدًا) حال من فاعل "يخطب"، وجملة المبتدأ والخبر في محلّ نصب على الحال من فاعل "دَخَل"، فالحالان متداخلان.

يعني: أن كعب بن عجرة -رضي اللَّه عنه- دخل المسجد، والحال أن عبد الرحمن ابن أم الحكم يخطب الناس قاعدًا، مخالفًا للسنة.

(فَقَالَ) أي: كعب -رضي اللَّه عنه- منكرًا عليه (انْظُرُوا إلَى هَذَا الْخَبِيثِ) وهذا من غاية غضب هذا الصحابيّ الجليل -رضي اللَّه عنه- على من خالف سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَخْطُبُ قَاعدًا) مع كون السنة أن يخطب قائمًا، وفي رواية ابن خزيمة (٢): "ما رأيت كاليوم قطّ إمامًا يؤم المسلمين يخطب، وهو جالس، يقول ذلك مرتين".


(١) راجع ترجمته في: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٥/ ٢٢٩)، و"مشاهير علماء الأنصار" لابن حبّان (ص ١٠٦)، و"الكامل" لابن الأثير (٣/ ٥١٥).
(٢) هكذا عزاه في "الفتح" إلى ابن خزيمة، ولم أره في "صحيحه"، فليُنظر، واللَّه تعالى أعلم.