وإنما أخذ ذلك الرجل تلك المطهرة؛ لظنه أنها مال حربيّ يجوز أخذه؛ حيث لم يعلم أن صاحبها من قوم ضماد، أو لم يعلم بإسلام ضماد أصلًا، والله تعالى أعلم.
(فَقَالَ) صاحب السريّة (رُدُّوهَا) أي: رُدّوا تلك المِطهرة، وإنما جمع الضمير؛ لإرادة الرجل المصيب، ومن معه من أصحابه (فَإنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ) يعني: أنهم مسلمون، فلا يجوز التعرّض لأنفسهم، ولا لأَموالهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه: أخرجه (المصنّف) هنا [١٥/ ٢٠٠٨](٨٦٨))، و (النسائيّ) مختصرًا في "النكاح"(٣٢٧٩) و"الكبرى"(٥٢٧ (٥))، و (ابن ماجه) في "النكاح"(١٨٩ (٣))، و (أحمد) في "مسنده"(١/ ٣٠٢ و ٣٥٠)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٩٥٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٦٥٦٨)، و (ابن منده) في "الإيمان"(١٣٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٣/ ٢١٤)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان مشروعيّة الخطبة.
٢ - (ومنها): استحباب قول الخطيب في خطبته: "أما بعد".
٣ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من جراءة قومه عليه، حتى إنهم يصفونه بالجنون، وهم المجانين.
٤ - (ومنها): منقبة ضماد بن ثعلبة الأزديّ -رضي الله عنه- حيث اهتدى بمجرّد سماع خطبة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، مع أن قريشًا كان تسمع منه باستمرار الآيات القرآنيّة،