للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اقتصد، وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، وتقول العامة من دبّر ما جاع، ومن رقع ما عري، وصبرك على نفسك خير من صبر الناس عليك. وروى أنس مرفوعا التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين. وقيل حسن التدبير مع العفاف خير من الغنى مع الإسراف، وقيل أن قوله تعالى (ملوما) راجع إلى قوله تعالى (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ) الآية المارة، وقيل البخيل ملوم حيثما كان، وقوله تعالى (محسورا) راجع إلى قوله تعالى (وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ) الآية، وهذا وجيه كي يكون قوله تعالى (فتقعد) بيانا لقبح الأمرين، لأنه منصوب بجواب النهيين، تدبر. وهذه الآية عامة مطلقه يدخل في عمومها حضرة الرسول وغيره من الأمة كافة، وما ورد عن جابر قال بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلم جالس إذ أتاه صبي فقال إن أمي تستكسيك درعا، فقال من ساعة إلى ساعة يظهر كذا فعد إلينا، فذهب إلى أمّه فقالت قل له إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل صلّى الله عليه وسلم داره ونزع (الدرع) قميصه وأعطاه وقعد عريانا، وأذن بلال، وانتظروا فلم يخرج عليه الصلاة والسلام إلى الصلاة، فنزلت هذه الآية لا يصح جعله سببا لنزول هذه الآية، لأنها مكية بالاتفاق والحادثة مدنية بدليل تأذين بلال رضي الله عنه، لأن مكة لا أذان فيها ولا جماعة إذ ذاك، وقد تتبع هذا الخبر وليّ الدين العراقي فلم يجده في شيء من كتب الحديث بلفظه هذا، وعلى فرض صحته لا يصح أن يكون سببا للنزول لما علمت، وقد أخرج بن مردويه عن ابن مسعود قال جاء غلام إلى النبي صلّى الله عليه وسلم فقال إن أمي تسألك كذا وكذا، فقال ما عندنا اليوم شيء، قال فتقول لك اكسني قميصك، فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسرا فنزلت، وأخرج ابن أبي حاتم عن النهال بن عمرو نحوه، وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سيار أبي الحكم قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم بزّ من العراق وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس، فبلغ ذلك قوما من العرب فقالوا نأتي النبي فنسأله، فوجدوه قد فرغ منه، فأنزل الله هذه الآية. وهذا أيضا لا يصح لأنه حينما كان بمكة لا يأتيه شيء من العراق ولا من غيره، ولم يؤمر بالقتال والغزو وأخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>