للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأكلِ السمك وتشربَ اللبن" أي: لا تجمعْ بينهما، ومنه قول الأخْطَل [من الكامل]:

٩٦٧ - لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتَأتِيَ مِثْلَه ... عارٌ عليك إذا فعلتَ عظيمُ

فالمراد: لا تجمعْ بين أكل السمك وشربِ اللبن، ولا تجمع بين نَهْيك عن شيء وإتيانك مثلَه، والنصب في ذلك كله بإضمار "أنْ" بعد الواو عندنا، كما كان بعد "أوْ"، وحملِه على الفعل الأول، ألا ترى أنهم لم يريدوا بقولهم: "لا تأكلِ السمك وتشرب اللبن" النهيَ عن أكل السمك منفردًا، وشربِ اللبن منفردًا، وإنما المراد أن ينهاه عن الجمع بينهما، لِما في ذلك من الفساد والضرر؟

ولو جزمه بالعطف على ما تقدّم، لكان داخلاً في حكم الأوّل، وكان التقدير: لا


٩٦٧ - التخريج: البيت لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ٤٠٤؛ والأزهية ص ٢٣٤؛ وشرح التصريح ٢/ ٢٣٨؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣؛ وللمتوكل الليثي في الأغاني ١٢/ ١٥٦؛ وحماسة البحتري ص ١١٧؛ والعقد الفريد ٢/ ٣١١؛ والمؤتلف والمختلف ص ١٧٩؛ ولأبي الأسود أو للمتوكل في لسان العرب ٧/ ٤٤٧ (عظظ)؛ ولأحدهما أو للاخطل في شرح شواهد الإيضاح ص ٢٥٢؛ ولأبي الأسود الدؤلي أو للأخطل أو للمتوكل الكناني في الدرر ٤/ ٨٦؛ والمقاصد النحويّة ٤/ ٣٩٣؛ ولأحد هؤلاء أو للمتوكل الليثي أو للطرماح أو للسابق البربري في خزانة الأدب ٨/ ٥٦٤ - ٥٦٧؛ وللأخطل في الرد على النحاة ص ١٢٧؛ والكتاب ٣/ ٤٢؛ ولحسان بن ثابت في شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٨٨؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ٢٩٤؛ وأمالي ابن الحاجب ٢/ ٨٦٤؛ وأوضح المسالك ٤/ ١٨١؛ وجواهر الأدب ص ١٦٨؛ والجنى الداني ص ١٥٧؛ ورصف المباني ص ٤٢٤؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٦٦؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٥٣٥؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٧٣؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٤٢؛ وشرح قطر الندى ص ٧٧؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٨٩ (وا)؛ ومغني اللبيب ٢/ ٣٦١؛ والمقتضب ٢/ ٢٦.
المعنى: احذرْ أن تنهى عن عمل شائن وتأتي مثله، وإلا لزمك العار الكبير.
الإعراب: "لا": ناهية. "تنه": فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلّة، والفاعل: أنت. "عن خلق": جار ومجرور متعلّقان بـ"تنه". "وتأتي": الواو: للمعيّة، "تأتي": فعل مضارع منصوب بـ"أن" مضمرة بعد واو المعيّة، والفاعل: أنت، والمصدر المؤوّل من "أن تأتي" معطوف على مصدر منتزع مما قبله. "مثله": مفعول به منصوب بالفتحة، وهو مضاف، والهاء: في محلّ جرّ بالإضافة، "عار": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: ذلك عارٌ. "عليك": جار ومجرور متعلّقان بمحذوف نعت لـ"عار". "إذا": اسم مبني على السكون في محل نصب مفعول فيه ظرف زمان متعلق بخبر "عار" المحذوف. "فعلت": فعل ماضٍ. والتاء: فاعل. "عظيم": نعت لـ"عار" مرفوع. وجواب "إذا" محذوف تقديره: "إذا فعلت ذلك فإنّه عار عظيم عليك".
وجملة "لا تنه ... ": لا محلّ لها من الإعراب لأنها استئنافية، أو ابتدائية. وجملة "ذلك عار عليك": لا محلّ لها من الإعراب لأنها تعليليّة، أو تفسيرية. وجملة "فعلت": في محل جرّ بالإضافة.
والشاهد فيه قوله: "وتأتي" حيث جاءت الواو دالة على المعيّه وقبلها نهي، ونُصب الفعل المضارع بعدها بـ"أَن" مضمرة. ولا يجوز أن نسمّي ما بعدها مفعولاً معه لأنه فعل، وليس باسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>