للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصار ذلك قياسًا مطّردًا كرفع الفاعل ونصبِ المفعول، وذلك لكثرة ما ورد عنهم من ذلك مع موافَقة القياس. وذلك أنّ الضمّ يجري عندهم مجرى الواو، والكسرة مجرى الياء, والفتحة مجرى الألف؛ لأنّ مَعدِنها واحدٌ. ويسمّون الضمّة الواوَ الصغيرةَ، والكسرة الياء الصغيرةَ، والفتحةَ الألفَ الصغيرةَ، فكانت هذه الحركات أوائلَ هذه الحروف، إذ الحروفُ تنشأ عنها في مثل "الدارهيم" و"الصَّياريف"، و"لم يَهْجُ"، و"لم يَدْعُ"، وكانت الواو تُحذف للجزم في نحو: "لم يَدْعُ"، و"لم يَغْزُ"، كما تُحذف الحركة في نحو: "لم يَضْرِب"، و"لم يَخرُجْ". فلمّا كان بين الحركات والحروف هذه المناسبة، أجروا الواو والضمّة مجرى الوَاوَيْن المجتمعَيْن، فلمَّا كان اجتماعُ الواوين يوجب الهمزةَ في نحو "واصِلةٍ" و"أواصِلَ" على ما تقدّم، كان اجتماعُ الواو مع الضمّة يُبيح ذلك ويُجيزه من غير وجوبه، حَطًّا لدرجة الفرع عن الأصل.

وقولُنا: "لازم" تحرّزٌ من العارضة التي تعرض لالتقاء الساكنين، نحو قوله تعالى: {اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ} (١) {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} (٢). ومن العارض ضمّةُ الإعراب في مثل "هذا دَلْوٌ وحَقْوٌ وعزْوٌ". الضمّة في ذلك كلّه لا تُسوِّغ الهمزةَ؛ لكونها عارضةً، ألا ترى أنّ أحد الساكنين قد يزول ويرجع إلى أصله، وكذلك ضمّةُ الإعراب في مثل: "هذا دَلُوّ وحَقْوٌ" قد يصير إلى النصب والجرّ، وتزول الضمّةُ.

* * *

قال صاحب الكتاب: وغير المطرد إبدالها من الألف في نحو: "دأبَّةٍ", و"شأبة", "ابيأضَّ" و"ادْهأمَّ". وعن العجاج أنه كان يهمز "العألم", و"الخأتم", وقال [من الرجز]:

١٢٧٧ - [مبارك للأنبياء خأتم] ... فَخِنْدفٌ هامة هذا العألم


= بالكسرة. "قد": حرف تحقيق. "لبست": فعل ماضٍ، والتاء ضمير في محلّ رفع فاعل. "أثؤبا": مفعول به منصوب.
والشاهد فيه قوله: "أثؤبا" حيث جاز إبدال الواو همزة لأنها مضمومة ضمًّا لازمًا.
(١) البقرة: ١٦.
(٢) البقرة: ٢٣٧.
١٢٧٧ - التخريج: الرجز للعجاج في ديوانه ١/ ٤٦٢؛ ورصف المباني ص ٥٦؛ وسرّ صناعة الإعراب ١/ ٩٠؛ وشرح شواهد الشافية ص ٤٢٨؛ ولسان العرب ٢/ ١٤ (بيت)، ١٢/ ٤٢٠ (علم)؛ وبلا نسبة في رصف المباني ص ٤٤٧؛ وشرح شافية ابن الحاجب ٣/ ٢٠٥؛ والممتع في التصريف ١/ ٣٢٤.
اللغة: خندف: قبيلة. الهامة: الرأس، وهامة الشيء: أعلاه. العألم: العالم.
الإعراب: "مبارك": صفة لـ "كريم" في البيت السابق، مجرورة بالكسرة. "للأنبياء": جار ومجرور متعلّقان بـ"مبارك"."خأتمِ": صفة أخرى لِـ "كريم" مجرورة بالكسرة. "فخندف": الفاء: استئنافية، =

<<  <  ج: ص:  >  >>