للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوي هذا البيت مهموزًا، وذلك من قِبَل أنّ الألف في "العالم" تأسيسٌ (١)، لا يجوز معها إلّا مثلُ "الساجم" و"اللازم"، فلمّا قال: "يا دار سلمى يا اسلمى ثمّ اسلمي"، هَمَزَ "العالم" لتجري القافيةُ على منهاج واحد في عدم التأسيس. وحكى اللِّحْياني عنهم: "بَأزٌ" بالهمزة، والأصلُ: "بازٌ" من غير همزة، قال الشاعر [من البسيط]:

١٢٨١ - كأنّه بَأزُ دَجنٍ فَوْقَ مَرْقَبَة ... جَلى القَطا وَسْطَ قاعٍ سَملَقٍ سَلَقِ

ويدلّ على ذلك قولهم في الجمع: "أَبوازٌ"، و"بِيزانٌ".

ومن ذلك "قَوْقَأتِ الدجاجة"، وأنشد الفرّاء [من الرجز]:

يا دار ميّ ... إلخ

وذلك أنّه لمّا اضطُرّ إلى حركة الألف قبل القاف من "المشتاق"؛ لأنّها تُقابِل لامَ "مُستفعِلُنْ" فلمّا حرّكها، انقلبت همزةً كما قدّمنا، إلّا أنّه حرّكها بالكسرة؛ لأنّه أراد الكسرة التي كانت في الواو المُنْقلبةِ الألفُ عنها، وذلك أنّه "مفتَعِلٌ" من "الشَّوْق"، وأصله: "مُشتَوِقٌ"، ثمّ قُلبت الواو ألفًا لتحرُّكها وانفتاحِ ما قبلها، فلمّا احتاج إلى حركة الألف، حرّكها بمثل الكسرة التي كانت في الواو، فاعرفه.

* * *


(١) ألف التأسيس هي ألف بينها وبين الرويّ حرف متحرِّك يُسمى الدَّخيل.
١٢٨١ - التخريج: البيت بلا نسبة في لسان العرب ٥/ ٣١٤ (بوز)؛ وتاج العروس ١٥/ ٣٩ (بوز).
اللغة والمعنى: الباز: طائر جارح. الدجن: الظلمة أو الغيم المسودّ. المرقبة: مكان عالٍ يصلح لمراقبة الأعداء. جلى: شكف. القطا: طيور بحجم الحمام. السملق: القفر الذي لا نبات فيه. السلق: الواسع من الطرق، والمطمئنّ من الأرض المستوي لا نبات فيه.
شبّهه بالباز في يوم غائم يقف على مرتفع يكشف طيور القطا تحته في هذا المنخفض الواسع الذي لا نبات فيه.
الإعراب: "كأنه": حرف مشبّه بالفعل، والهاء: ضمير متصل مبني في محلّ نصب اسم "كأن". "بأز": خبر "كأن" مرفوع بالضمّة. "دجن": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "فوق": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بصفةٍ محذوفة من "بأز"، وهو مضاف. "مرقبة": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "جلى": فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدّر على الألف للتعذّر، وفاعله ضمير مستتر جوازًا تقديره: هو. "القطا": مفعول به منصوب بفتحة مقدّرة على الألف للتعذّر. "وسط": مفعول فيه ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بحال محذوفة من "القطا"، وهو مضاف. "قاع": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "سملق": نعت "قاع" مجرور بالكسرة. "سلق": نعت ثان لـ "قاع" مجرور بالكسرة.
وجملة "كأنه باز": ابتدائية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "جلى القطا": في محلّ رفع صفة للباز.
والشاهد فيه قوله: "بأز" حيث همز الألف في "باز" عندما احتاج لإقامة الوزن إلى تحريكها.

<<  <  ج: ص:  >  >>