للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الكتاب: ومن الواو غير المضمومة في نحو: "إشاحٍ" و"إفادةٍ" و"إسادة" و {إعاء أخيه} (١) في قراءة سعيد بن جبير، و"أناةٍ", و"أسماء", و"أحدٍ" و"أحِّدْ" و"أحِّدْ" في الحديث (٢). والمازني يرى الإبدال من المكسورة قياسًا.

* * *

قال الشارح: يريد أنّ من العرب من يُبدِل من الواو المكسورة همزةً إذا كانت فاء، ومن المفتوحة، فمثالُ إبدالها من المكسورة قولهم: "وِشاحٌ"، و"إشاح"، و"وِسادَةٌ"، و"إسادة". والوشاحُ: سَيرٌ أو ما يُضفَر من السير، ويُرصَّع بالجوهر، وتَشُدّ به المرأةُ وَسَطَها. والوِسادةُ: المِخَدّة. وقالوا: "وعاءٌ"، و"إعاءٌ". وقرأ سعيد بن جُبَير: {قبل إعآء أخيه} (٣). وقالوا: "وِفادةٌ"، و"إفادة". وأنشد سيبويه [من البسيط]:

١٢٨٢ - أمّا الإفادةُ فاستَولَت رَكائبُها ... عند الجَبابير بالبَأساء والنّعَمِ

ووجهُ ذلك أنّهم شبّهوا الواو المكسورة بالواو المضمومة, لأنّهم يستثقلون الكسرة كما يستثقلون الضمّة. ألا ترى أنّك تحذفها من الياء المكسور ما قبلها كما تحذف الضمّة منها من نحو: "هذا قاضٍ"، و"مررت بقاضٍ"، إلّا أنّ هَمزَ الواو المكسورةِ، وإن كثُر


(١) يوسف: ٧٦ {وعاء أخيه}.
انظر: البحر المحيط ٥/ ٣٣٢؛ والكشاف ٢/ ٣٣٥؛ وتفسير الرازي ١٨/ ١٨١؛ ومعجم القراءات القرآنية ٣/ ١٨٤.
(٢) في النهاية في غريب الحديث والأثر ١/ ٢٧: "وفي حديث الدعاء "أنّه قال لسَعْد- وكان يشير في دُعائه بإصْبَعين: أَحّدْ أَحّدْ"، أي: أَشِرْ بإصبع واحدة؛ لأنّ الذي تدعو إليه واحد، وهو الله تعالى".
(٣) يوسف: ٧٦.
١٢٨٢ - التخريج: البيت لابن مقبل في ديوانه ص ٣٩٨؛ والأشباه والنظائر ٣/ ٢٨٤؛ والكتاب ٤/ ٣٣٢؛ وتذكرة النحاة ص ٣٢٩؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٤٢١؛ ولسان العرب ٣/ ٤٦٤ (وفد)؛ وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب ١/ ١٠٢؛ والمنصف ١/ ٢٢٩.
اللغة: الإفادة: الوفود إلى الملوك. الجبابرة، والجَبَابير: الملوك. والبأساء: الشدة.
المعنى: يريد أنَّهم يفدون على السلطان، فمرةً ينالون من خيره، ومرَّة يرجعون خائبين مبتئسين.
الإعراب: "أما": حرف تفصيل وشرط. "الإفادةُ": مبتدأ مرفوع بالضمة. "فاسْتولَت": الفاء: حرف ربط، "استولَتْ": فعل ماضٍ مبني على الفتح، والتاء: للتأنيث لا محل لها. "ركائبُها": فاعل مرفوع، و"ها": ضمير متصل مبني على السكون في محل جر بالإضافة. "عند": مفعول فيه ظرف مكان، منصوب بالفتحة متعلق بالفعل "استولت". "الجبابيرِ": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "بالبأساء": جار ومجرور متعلقان بالفعل (استولَتْ). "والنَّعم": الواو: حرف عطف، "النّعَم": معطوف على "البأساء" مجرور.
وجملة "أما الإفادة ... " استئنافية لا محلّ لها من الإعراب. وجملة "استولت ركائبها": في محلّ رفع المبتدأ.
والشاهد فيه قوله: إبدال الواو في "الإفادة" همزة، فالأصل "الوفادة" ولكن أُبْدِلَتْ الواو همزةً لوقوعها مكسورة ابتداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>