للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرفوع، لأنّه خبرُ مبتدأ، فالظرفُ وحدَه في موضع نصب. يدلُّ على ذلك أنَّه يظهر النصب فيما كان معرَبًا، نحوَ: "القتالُ اليومَ وعِنْدَك"، ونحو ذلك، والظرفُ مع الضمير في موضعِ خبرِ المبتدأ. فإذا أُريد المُضِيُّ قُدّر بـ "إذْ". وإذا أُريد المستقبلُ، قُدّر بـ "إذَا". والظرفُ الذي هو"إذَا"و"إذْ" يضاف إلى الفعل والفاعلِ الذي هو"كَانَ"، والضميرُ الذي فيه، و"كَانَ" هذه المقدَّرةُ هي التامّةُ، وليسِت الناقصةَ، فحُذف الفعل، وأُقيم الظرف مُقامَه. ثمّّ حُذف الفعل لدلالةِ الظرف عليه.

فإن قيل: ولِمَ قُدّر الخبر بـ "إِذَا" أو"إذْ" دون غيرهما من ظروفِ المكان، قيل: لأنّهما ظرفَا زمان، وظروفُ الزمان يكثر الإخبارُ بها عن الأحداث، والإخبارُ بها مختصٌّ بالحَدَث، فكان تقديرهُ بها (١) أوْلى، وكانت "إذْ" و"إذَا" أوْلى من غيرهما من ظروفِ الزمان لشُمُولهما. فـ "إِذْ" تشمَل جميعَ ما مضى، و"إذَا" تشمل جميعَ المستقبل. فلمّا أُريد تقديرُ جُزْء من الزمان، كان أوْلى بذلك لِما ذكرناه.

فإن قيل: ولِمَ قلتم: إن "كَانَ" المقدَّرةَ هي التامَّةُ دونَ أن تكون الناقصةَ، قيل: لوكانت "كَانَ" المقدَّرةُ الناقصةَ، لكان "قائمًا" من قولك: "ضَرْبِي زيدًا قائمًا" الخبرَ، ولو كان خبرًا لجاز أن يقع معرفة, لأنّ أخبارَ "كَانَ" تكون معرفة ونكرة، فالمعرفةُ نحوُ قولك: "كان زيدٌ أخاك"، و"كان محمَّدٌ القائم"، ومثالُ النكرة "كان زيدٌ قائمًا". فلمًا اقتُصر ههنا على النكرة، ولم تقع المعرفةُ فيه ألبتّة، دلّ ذلك على أنَّه حالٌ وليس بخبرٍ.

وأمّا المسألة الثانية: وهي "أكثرُ شُرْبي السَّوِيقَ ملتوتًا" فالكلامُ عليها كالكلام على المسألة قبلها في تقدير الخبر والعاملِ فيه، إلَّا أن قوله: "أكثرُ شربي" ليس بمصدر، وإنمّا لمّا أُضيفت "أكثرُ" إلى "شربي" الذي هو المصدرُ، صار حكمُه حكمَ المصدر, لأنّ "أفْعَلَ" بعضُ ما يُضاف إليه. تقول: "زيدٌ أفْضَلُ القوم"، فيكون بعضَ القوم، و"الياقُوتُ أفضلُ الحِجارة" لأنّه بعضُ الحجارة، ولو قلت: "الياقوتُ أفضل الزُّجاج" لم يجز, لأنّه ليس من الزجاج، فكذلك إذا قلت: "صُمْتُ أحسنَ الصّيامِ" تنصب "أحْسَنَ" على المصدر, لأنه لما أضفتَه إلى المصدر، صار مصدرًا، فكذلك لمّا أضفت "أكثرُ" إلى "الشرب" الذي هو مصدرٌ، صار مصدرًا، وجاز أن يُخْبَر عنه بالزمان كما يخبر عن سائر المصادر.

وأمّا المسألة الثالثة: وهي "أخطبُ ما يكون الأميرُ قائمًا"، فهي في تقديرِ حذفِ الخبر كالمسألة الأُولى، إلَّا أنّ فيها اتساعًا أكثرَ من الأوُلى، وذلك أنّ فيها وجهَيْن من التقدير: أحدُهما نحوُ المسألة قبلها. فقولُك: "أخطبُ ما يكون الأميرُ" بمعنَى"أخطبُ


(١) في طبعة ليبزغ "به"، وقد صحَّحَتْها هذه الطبعة في جدول التصحيحات ص ٩٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>