للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالي: {صنع الله} (١)، و {وعد الله} (٢)، و {كتاب الله عليكم} (٣)، و {صبغة الله} (٤)، وقولهم: "الله أكبر دعوة الحق"".

* * *

قال الشارح: اعلم أنّ "حَقًّا" و"الحَقَّ" ونحوَهما مصادرُ، والناصبُ لها فعلٌ مقدَّرٌ قبلها دلّ عليه معنى الجملة، فتُؤكِّد الجملةَ، وذلك الفعل أحُقُّ، وما جرى مجراه، وذلك أنَّك إذا قلت: "هذا عبدُ الله" جاز أن يكون إخبارُك عن يَقِين منك وتحقيقٍ، وجاز أن يكون على شَكّ، فأكّدتَه بقولك: "حَقًّا كأنّك قلت: "أحُقُّ ذلك حقًّا".

وهذه المصادر يجوز أن تكون نكرةً، نحوَ: "حقًّا"، ويجوز أن تكون معرفة، نحوَ: "الحق لا الباطلَ"، وذلك لأنّ انتصابها انتصابُ المصدر المؤكِّد لا على الحال التي لا يجوز أن تكون إلَّا نكرةٌ، وإذا قلت: "هذا عبدُ الله الحقُّ، لا الباطلَ"، فـ"الحقَّ" منصوبٌ على المصدر المؤكِّد لِما قبله، والباطلَ عطفٌ عليه بـ"لَا كما يُقال: "رأيتُ زيدًا لا عمرًا".

وإذا قال "هذا عبدُ الله غيرَ ما تقول" فـ"غيرَ" منصوب على المصدر، وتحقيقُه: هذا عبدُ الله حقًّا غيرَ ما تقول، أي: غيرَ قولك، فحذفتَ الموصوفَ، وأقمتَ الصفةَ مقامَه، والمفهوم من هذا الكلام أنّ المتكلّم قد اعتقد أنّ قولَ المخاطَب باطلٌ. وتلخيصُ معناه: هذا عبد الله حقًّا لا باطلًا.

وإذا قال: "هذا القولُ لا قولَك فكأنّه قال: "هذا القولُ لا أقول قولَك أي: مثلَ قولك، يعني أنني أقول الحقَّ، ولا أقول باطلًا مثلَ قولك. ولو أسقطتَ الإضافةَ، وقلت: "هذا القولُ لا قولًا"، و"هذا القولُ غيرَ قولٍ"، لم يحسُن الحذفُ لسُقوطِ الفائدة؛ لأنّه لم يكن فيما بقي ما يدل على البُطْلان، فلو وصفتَه بما يدل على البطلان، نحوَ: "هذا القولُ لا قولًا


= مفعول به ثانٍ منصوب بالفتحة. "وإنني": الواو: حالية، و"إنني": حرف مشبه بالفعل، والنون: للوقاية، وياء المتكلم: ضمير متصل مبنيّ في محل نصب اسم "إنّ. "قسَمًا": مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب بالفتحة. "إليك": جار ومجرور متعلقان بـ"أميلُ". "مع": ظرف منصوب متعلق بحال محذوفة من الضمير في "إنني". "الصدود": مضاف إليه مجرور "لأميلُ": اللام: المزحلقة للتوكيد، و"أميلُ": خبر "إن " مرفوع بالضمة.
وجملة "إني لأمنحكَ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أمنحك": في محلّ رفع خبر "إن". وجملة "إنني لأميل": في محلّ نصب حال. وجملة "أقسم قسمًا": اعتراضية لا محل لها من الإعراب، اعترضت بين "إن" وخبرها "أميل".
والشاهد فيه: نصب "قَسَمًا" على المصدر المؤكد لما قبله من الكلام الدال على القسم, لأنه لما قال: إني لأمنحك الصدود، عُلم أنه مقسم، فقال: قَسَمًا، مؤكدًا لذلك.
(١) النمل: ٨٨.
(٢) يونس: ٤.
(٣) النساء: ٢٤.
(٤) البقرة: ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>