للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قدمتَ الاسم على حرف الجزاء، فقلت: "زيدًا إن تره تضربه"، لم يجز؛ لأنّ الشرط والجزاء لا يعملان فيما قبل حرف الجزاء، وإذا لم يعملا فيه، لم يجز أن يُفسِّراه.

ومن ذلك "هَلاَّ" و"لَوْلَا" و"ألَّا"، و"لَوْمَا" إذا وقع الاسمُ بعدها وكان بعدها فعلٌ واقعٌ على ضميره، لم يكن بُدٌّ من نصبِ ذلك الاسم بفعل مضمر يفسّره الظاهرُ، فحكمُها حكمُ "إِن" الشرطيّةِ. وذلك من قِبَل أن معاني هذه الحروف التحضيضُ والتوبيخُ. إذا وَلِيَها المستقبَلُ كنّ تحضيضًا، وإذا وليها الماضي كنّ توبيخًا. وهذه المعاني واقعةٌ على الأفعال، لا حظَّ للأسماء فيها، فلذلك لا يقع بعدها المبتدأُ والخبرُ، فإذا وقع بعدها اسمٌ، فلا يكون إلّا على تقديرِ فعل. قال جَرِيرٌ [من الطويل]:

٢٥٠ - تَعُدُّونَ عَقْرَ النُيبِ أفضلَ مَجْدِكُم ... بَنِي ضَوْطَرَى لولا الكَمِيَّ المقنَّعا


٢٥٠ - التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص ٩٠٧؛ وتخليص الشواهد ص ٤٣١؛ وجواهر الأدب ص ٣٩٤؛ وخزانة الأدب ٣/ ٥٥، ٥٧، ٦٠؛ والخصائص ٢/ ٤٥؛ والدرر ٢/ ٢٤٠؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٧٢؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٦٦٩؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤٧٥؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٧٠ (إمّا لا)؛ وللفرزدق في الأزهية ص ١٦٨؛ ولسان العرب ٤/ ٤٩٨ (ضطر)؛ وبلا نسبة في الأزهية ص ١٧٠؛ والأشباه والنظائر ١/ ٢٤٠؛ والجنى الداني ص ٦٠٦؛ وخزانة الأدب ١١/ ٢٤٥؛ ورصف المباني ص ٢٩٣؛ وشرح الأشموني ٣/ ٦١٠؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٣٢١؛ والصاحبي في فقه اللغة ص ١٦٤، ١٨٢؛ ومغني اللبيب ١/ ٢٨٤.
اللغة: العقر: النحر أو الذبح. النيب: جمع ناب وهي الناقة المسنّة. ضوطرى: المرأة الحمقاء. الكميّ: الفارس المدجّج بالسلاح.
المعنى: يهجو الشاعر قوم الفرزدق فيقول: إنّ أفضل ما يقومون به هو نحر ناقة مسنّة، فهل لهم قدرة على التصدّي للفارس المدجّج بالسلاح؟!
الإعراب: "تعدّون": فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو: ضمير متصل مبنيّ في محلّ رفع فاعل. "عقر": مفعول به أوّل، وهو مضاف. "النيب": مضاف إليه مجرور. "أفضل": مفعول به ثان لـ"تعدّون"، وهو مضاف. "مجدكم": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف، و"كم": ضمير متصل مبني في محلّ جرّ بالإضافة. "بني": منادى بحرف نداء محذوف منصوب بالياء، وهو مضاف. "ضوطرى": مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدّرة على الألف للتعذّر. "لولا": حرف تحضيض. "الكميّ": مفعول به لفعل محذوف تقديره: تعدّون، والمفعول به الثاني محذوف، والتقدير: "لولا تعدّون الكميّ أفضل مجدكم". "المقنّعا": نعت "الكمي" منصوب والألف للإطلاق.
وجملة "تعدون": ابتدائية لا محل من الإعراب. وجملة النداء "يا بني": استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "تعدون" المحذوفة: استئنافية لا محل لها من الإعراب.
والشاهد فيه قوله: "لولا الكميّ" حيث دخلت أداة التحضيض "لولا" على الاسم "الكميّ"، وهي مختصّة بالدخول على الفعل، فقدّر هذا الاسم مفعولًا به لفعل محذوف، تقديره: "لولا تعدّون الكميّ".

<<  <  ج: ص:  >  >>