للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتعلُّقهم بظاهرِ قوله تعالى: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ} (١). وقال "ابن هُبَيْرة" في المُحْكَم: غلبت "الشعوبيّةُ"، بلفظ الجمع، على جيل من العجم، حتّى قيل لمحتقِرِ أمرِ العرب: "شعوبيٌّ"، وإن لم يكن منهم، وأضافوا إلى الجمع لغَلَبته على الجيل الواحد، كقولهم: "أنصاريّ".

و"أنحاز": أي: أعتزل، وقالوا للذي ينحاز عن القوم ويعتزلهم: "حُوزِيّ".

...

وقوله: "وعَصَمَنِي من مَذْهَبهم الذي لم يُجْدِ عليهم إلاَّ الرَّشْقَ بألْسِنَةِ اللاعنين والمَشْقَ بأَسِنَّةِ الطاعِنين": يقال: عصمني من كذا؛ أي: منعني، ودفع عنّي، و"المَذْهَب": المأْخَذُ، وأصلُه: مكانُ الذَّهاب، كـ"المَطْلَع" لموضعِ الطلُوع، ومثلُه "المَدْخَل" و"المَخْرَج".

"الذي لم يُجد عليهم"؛ أي: لم يُعْطِهم، يقال: أَجْدَى عليه؛ أي: أعطاه، وأصلُه من "الجَدا"، وهو المَطَرُ العامُّ.

و"الرَّشْقُ": الإصابة بالمَكْرُوه، يقال: رشقهم بالكلام؛ إذا نال منهم به، وأصلُه من الرشق بالسهْم.

و"الأَلْسِنَةُ": جمع "لِسانِ"، و"اللسانُ" يذكر ويؤنَّث؛ فمن ذكّره ذهب إلى العُضْو، وجَمَعَه على أَلْسِنَةٍ كـ"حِمار وأَحْمِرَةٍ"؛ ومَن أنّثه ذهب إلى الجارِحة، وجَمَعَه على "أَلْسُنٍ"، كـ"ذِراع وأَذْرُع".

و"اللاعنون": جمعُ "لاعِنٍ" جَمْعَ السَّلامة، و"اللَّعْنُ": الطَرْدُ والبُعْدُ، يقال للطَّريد: لَعِينٌ، ورجل "لُعْنَةٌ"، بسكون العين: يلعَنه الناسُ كثيراً، و"لُعَنةٌ"، بالتحريك: يلعن الناسَ كثيراً.

و"المَشْقُ": سُرْعَةُ الطعْن. و"الأسِنةُ": جمع "سِنان". و"الطاعنون": جمع "طاعِنٍ"، يقال: طعن بالقول يَطْعُن طَعَنانًا، وطعن بالرُّمْح يَطْعُن، بالضمّ، طَعْنًا، ورجلٌ طَعَّانٌ في أَعْراضِ الناس؛ وفي الحديث: "لا يكون المؤمن طَعّانًا" (٢).

والمراد أن هؤلاء الذين يُبغِضون العربَ ولُغاتِهم لم يكتسبوا بهذا المذهب إلاَّ السقُوطَ من أعينِ الناسِ والمَذَمَّةَ؛ وقد ألَمَّ بهذا المعنى "الحَيْصَ بَيْصَ" في قوله [من الخفيف]:

٣ - لا تَضَعْ مِن عَظِيمِ قَدْرٍ وإنْ ... كنت مُشارًا إليه بالتَّعْظِيمِ


(١) الحجرات: ١٣.
(٢) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر ٣/ ١٢٧ (طعن).

<<  <  ج: ص:  >  >>