للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللبس، وزَوالِ الإشكال لأنّه لا يُلْبِس بالواحد لوجودِ الميم، ولا يُلْبس بالتثنية؛ لأنّ المثنّى يلزمُه ثبوتُ الألف، وقد تقدّم نحو ذلك في المتّصل. والصوابُ أَنّ الكلمة بكَمالها اسمٌ، كما ذكرنا في التثنية، وهي صيغةٌ موضوعةٌ للجمع.

فإنّ خاطبتَ جماعةَ مؤنّثاتٍ، قلت: "أَنْتُنَّ" بشون مشدّدة. والكلمةُ بكمالها الاسمُ على ما قدمناه في التثنية والجمع المذكّر.

فأمّا ضميرُ الغائب، فإنّه يُثنَّى، ويُجمع، ويُبيَّن بعلامةِ المؤنّث، وهو أولى بذلك، لما ذكرناه من أنّه ضميرُ ظاهرِ قد جرى ذكرُه، والظاهرُ يُثنّى، ويجمع، ويؤنّث. فكذلك ما ناب منابَه، فإذا كنيتَ عن الواحد المذكّر، قلت: "هُوَ قائمٌ"، فـ "هُوَ" مرفوعٌ الموضع؛ لأنّه مبتدأٌ، والمبتدأُ مرفوعٌ، ولأنك لو وضعتَ مكانَه اسمًا ظاهرًا، لكان مرفوعًا، نحوَ: "زيدٌ قائمٌ". والاسمُ هُوَ بكَماله عند البصريين، وقال الكوفيون: الاسمُ الهاء وحدَها، والواوُ مَزيدةٌ، واحتجّوا لذلك بقول الشاعر [من الطويل]:

فبَيْناهُ يَشْرِي رَحْلَه قال قائلٌ: ... لِمَنْ جَمَلٌ رِخْوُ المِلاطِ نَجِيبُ (١)

فحذف الواوَ. وحذفُها يدلّ على زيادتها. والصوابُ مذهبُ البصريين؛ لأنّه ضميرٌ منفصلٌ مستقلٌّ بنفسه يجري مجرى الظاهر، فلا يكون على حرف واحد؛ ولأنّ المضمر إنّما أُتي به للإيجاز والاختصار، فلا يَلِيق به الزيادةُ ولا سِيّما الواوُ وثقلها. ولا دليلَ في البيت؛ لِقلّته، فهو من قبيل الضرورة.

وبُنيت على الفتح تقويةً بالحركة، ولم تضُمّها إتباعَا لضمّة الهاء، لثِقَل الضمّة على الواو المضموم ما قبلها، وكانت الفتحةُ أخفُّ الحركات. وربّما جاء في الشعر سكونّها وتضعيفُها، قالَ الشاعر [من الطويل]:

٤٥٠ - وإنّ لِسانِي شَهْدَةٌ يُشْتَفَى بها ... وهُوَّ على مَن صَبَّهُ اللهُ عَلْقَمُ


(١) تقدم بالرقم ١١٩.
٤٥٠ - التخريج: البيت لرجل من همدان في شرح التصريح ١/ ١٤٨؛ والمقاصد النحوية ١/ ٤٥١؛ وبلا نسبة في تخليص الشواهد ص ١٦٥؛ والجحود الداني ص ٤٧٤؛ وخزانة الأدب ٥/ ٢٦٦؛ والدرر ١/ ١٩٣، ٦/ ٢٣٩؛ وشرح الأشموني ١/ ٨١؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٤٢؛ ولسان العرب ١٥/ ٤٧٨ (ها)؛ ومغني اللبيب ٢/ ٤٣٤؛ وهمع الهوامع ١/ ٦١، ٢/ ١٥٧.
اللغة: الشهدة: العسل في شمعه. العلقم: الشديد المرارة.
المعنى: إنّ لسانه كالشهد حين يمدح، وكالعلقم إذا غضب الله على امرئ وسلّطه عليه.
الإعراب: "وإنّ": الواو: بحسب ما قبلها, و"إنّ": حرف مثله بالفعل. "لساني": اسم "إنّ" منصوب، وهو مضاف، والياء: مضاف إليه. "شهدة": خبر "إنّ" مرفوع. "يشتفى": فعل مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع. "بها": جار ومجرور متعلّقان بـ "يشتفى" على أنّهما نائب فاعل. "وهوّ": الواو: حرف عطف، "هو": ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. "على من": جار ومجرور متعلّقان =

<<  <  ج: ص:  >  >>