وقد رواه الطحاويّ من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، قال: سمعت أبا صالح يُحَدِّث بحديث سُلَيك الغَطَفانيّ، ثم سمعت أبا سفيان يحدِّث به عن جابر، فتحرر أن هذه القصة لسُليك.
ورَوَى الطبرانيّ أيضًا من طريق أبي صالح، عن أبي ذرّ -رضي الله عنه-، أنه أَتَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو يخطب، فقال لأبي ذرّ:"صليت ركعتين؟ " قال: لا … الحديث، وفي إسناده ابن لَهِيعة، وشَذَّ بقوله:"وهو يخطب"، فإن الحديث مشهور عن أبي ذرّ، أنه جاء إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو جالس في المسجد، أخرجه ابن حبّان وغيره.
قال الحافظ رحمهُ اللهُ: وأما ما رواه الدارقطنيّ من حديث أنس -رضي الله عنه-، قال: دخل رجل من قيس المسجد … فذكر نحو قصة سُليك، فلا يخالف كونه سُليكًا، فإن غَطَفان من قيس، كما تقدم، وإن كان بعض شيوخنا غاير بينهما، وجَوَّز أن تكون الواقعة تعددت، فإنه لم يتبين لي ذلك.
واختُلِف فيه على الأعمش اختلافًا آخر، رواه الثوريّ عنه، عن أبي سفيان، عن جابر، عن سُليك، فجَعَل الحديث من مسند سليك، قال ابن عديّ: لا أعلم أحدًا قاله عن الثوريّ هكذا غير الفِرْيابيّ، وإبراهيم بن خالد. انتهى.
وقد قاله عنه أيضًا عبد الرزاق، أخرجه هكذا في "مصنفه"، وأحمد عنه، وأبو عوانة، والدارقطنيّ، من طريقه، ونَقَل ابن عديّ، عن النسائيّ أنه قال: هذا خطأ. انتهى.
قال الحافظ رحمهُ اللهُ: والذي يظهر لي أنه ما عَنَى أن جابرًا حَمَل القصة عن سُليك، وإنما معناه أن جابرًا حدَّثهم عن قصة سليك، ولهذا نظير، سأذكره في حديث أبي مسعود -رضي الله عنه- في قصة أبي شعيب اللحّام، في "كتاب البيوع"(١) -إن شاء الله تعالى-.
(١) هو ما أخرجه البخاريّ في "البيوع" برقم (٢٠٨١) عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: جاء رجل من الأنصار، يُكنَى أبا شعيب، فقال لغلام له قَصاب: اجعل لي طعامًا يكفي خمسةً، فإني أريد أن أدعو النبيّ -صلى الله عليه وسلم- خامس خمسة، فإني قد عَرَفت في وجهه =