للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ) خبر لمحذوف؛ أي: أنا رجلٌ (غَرِيبٌ) فَعِيل بمعنى فاعل، قال في "المصباح": غزب الشخص بالضم، من باب شَرُف غَرابة: بَعُد عن وطنه، فهو غريبٌ، فَعِيل بمعنى فاعلٍ، وجمعه غُرباء (١). (جَاءَ يَسْأَلُ عَنْ دِينِهِ) أي: أمور دينه، وتفاصيلها، وقوله: (لَا يَدْرِي مَا دِينُهُ) جملة حاليّة من فاعل "يسأل".

قال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "رجلٌ غريبٌ … إلخ" استلطافٌ في السؤال، واستخراجٌ حسَنٌ للتعليم؛ لأنه لَمّا أخبره بذلك تعيّن عليه أن يُعلّمه، وأيضًا، فإن هذا الرجل الغريب الذي جاء سائلًا عن دينه هو من النوع الذي قال فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن أُناسًا يأتونكم من أقطار الأرض يطلبون العلم، فاستوصوا بهم خيرًا" (٢)، فإنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يأمر بشيء إلا كان أوّل آخذ به، وإذا نَهَى عن شيء كان أوّل تارك له. انتهى (٣).

(قَالَ) أبو رفاعة -رضي الله عنه- (فَأَقْبَلَ عَلَي رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَتَرَكَ خُطْبَتَهُ) إنما فعل ذلك؛ لتعيّنه عليه في الحال، ولخوف الفوت، ولأنه لا يناقض ما كان فيه من الخطبة، ومشيه -صلى الله عليه وسلم-، وقربه منه في تلك الحال مبادرة لاغتنام الفُرْصة، وإظهار التّهَمُّم بشأن السائل، قاله القرطبيّ رحمهُ اللهُ (٤).

(حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ) أي: وصل إلى المكان الذي جلست فيه (فَأُتِيَ بِكُرْسِيٍّ) بضمّ الكاف، أشهر من كسرها، والجمع الكراسيّ مثقّل أيضًا، وقد يُخفّف، قال ابن السّكّيت في "باب ما يُشدّد": وكلُّ ما كان واحدة مشدّدًا، شَدَّدتَ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٤٤.
(٢) حديث ضعيف، أخرجه الترمذيّ (٢٦٥٠)، وابن ماجه (٢٤٧) عن أبي هارون العبديّ قال: كنا نأتي أبا سعيد، فيقول: مرحبًا بوصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الناس لكم تَبَعٌ، وإن رجالًا يأتونكم من أقطار الأرضين، يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرًا".
قال أبو عيسى: قال علي بن عبد الله: قال يحيى بن سعيد: كان شعبة يضعف أبا هارون العبديّ، قال يحيى بن سعيد: ما زال ابن عون يروي عن أبي هارون العبديّ حتى مات، وأبو هارون اسمه عُمَارة بن جُوَين. انتهى.
(٣) "المفهم" ٢/ ٥١٤.
(٤) "المفهم" ٢/ ٥١٥.