للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جمعه، وإن شئتَ خفّفت. أفاده الفيّوميّ (١).

(حَسِبْتُ قَوَائِمَهُ حَدِيدًا) أي: ظننتُ أن قوائم ذلك الكرسيّ كانت حديدًا، ووقع عند النسائيّ بلفظ: "خِلْتُ" -بكسر الخاء المعجمة- من أخوات "ظَنّ"، يقال: خال الرجل الشيءَ يَخالُهُ خَيلًا، من باب نال: ظنّه، وخالة يَخِيله من باب باع لغةٌ، وفي المضارع للمتكلّم يقال: إِخاله بكسر الهمزة على غير قياس، وهو أكثر استعمالًا، وبنوأسد يفتحون على القياس. قاله الفيّوميّ.

وقال النوويّ رحمهُ اللهُ في "شرحه": هكذا هو في جميع النسخ "حسبت"، ورواه ابن أبي خيثمة في غير "صحيح مسلم": "خلت" بكسر الخاء، وسكون اللام، وهو بمعنى "حسبت".

وقال القاضي: ووقع في نسخة ابن الحذّاء "خشب" بالخاء، والشين المعجمتين، وفي كتاب ابن قُتيبة "خلب" بضم الخاء، وآخره باء موحّدة، وفسّروه باللِّيف، وكلاهما تصحيف، والصواب "حسبت" بمعنى ظننت، كما هو في نسخ مسلم، وغيره من الكتب المعتمدة. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "حسبت قوائمه حديدًا": هكذا صحيح الرواية، وذكره ابن قُتيبة، وقال: "بكرسيّ خُلْب" قال: والْخُلْب: اللِّيف، وهو تصحيف منه، وإنما هو "خِلْتُ" كما رواه ابن أبي شيبة، وهو بمعنى "حسبت" الذي رواه مسلم، ووقع في نسخة ابن الحذّاء: "بكرسيّ خشب"، وهو أيضًا تصحيف، وصوابه ما قدّمناه، وقد فسّره حميد في كتاب ابن أبي شيبة، فقال: أراه كان من عُود أسود، فحسبه من حديد.

قال القرطبيّ: وأظنّ أن هذا الكرسيّ هو المنبر، ويعني به: أنه نُقل عن موضعه المعتاد إلى موضع السائل؛ ليجلس عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كون الكرسيّ هذا هو المنبر النبويّ بعيدٌ بل الظاهر أنه كرسيّ آخر، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم.

(قَالَ) رفاعة -رضي الله عنه- (فَقَعَدَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) إنما قعد -صلى الله عليه وسلم- على الكرسيّ


(١) "المصباح" ٢/ ٥٣٠.
(٢) "شرح النووي" ٦/ ١٦٥.
(٣) "المفهم" ٢/ ٥١٥.