وأما دعواه أن الناس تركوا العمل به فباطلة؛ لأن أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين قد قالوا به، كما نقله ابن المنذر وغيره، حتى إنه ثابت عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف والد سعد، وهو من كبار التابعين من أهل المدينة أنه أمّ الناس بالمدينة بهما في الفجر يوم الجمعة، أخرجه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح.
وكلام ابن العربي يُشْعِر بأن ترك ذلك أمر طرأ على أهل المدينة؛ لأنه قال: وهو أمر لم يُعْلَم بالمدينة، فالله أعلم بمن قطعه كما قطع غيره. انتهى.
وأما امتناع مالك من الرواية عن سعد، فليس لأجل هذا الحديث، بل لكونه طَعَن في نسب مالك، كذا حكاه ابن البَرْقِيّ، عن يحيى بن معين، وحَكَى أبو حاتم، عن عليّ ابن المدينيّ، قال: كان سعد بن إبراهيم لا يحدث بالمدينة، فلذلك لم يكتب عنه أهلها.
وقال الساجي: أجمع أهل العلم على صدقه. وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس، عن شعبة، عنه، فصح أنه حجة باتفاقهم، قال: ومالك إنما لم يرو عنه لمعنى معروف، فأما أن يكون تكلم فيه، فلا أحفظ ذلك. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمهُ اللهُ المذكور أولَ الكتاب قال: