ركعتين؛ لئلا تلتبس الجمعة بالظهر التي هي أربع على الجاهل، أو لئلا يتطرّق أهل الْبِاَع إلى صلاتها ظهرًا.
وإلى الأخذ بظاهر هذا الحديث ذهب أبو حنيفة، وإسحاق، فقالا: يصلي أربعًا لا يَفصِل بينهنّ، وروي عن جماعة من السلف أنه يصلي بعدها ركعتين، ثم أربعًا، وهو مذهب الثوريّ، وأبي يوسف، لكن استَحَبّ أبو يوسف تقديم الأربع على الاثنتين، واستَحَبّ الشافعيّ التنفّل بعدها، وأن الأكثر أفضل، وأخذ مالك برواية ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف، فيصلي في بيته ركعتين، وجعله في الإمام أشدَّ، ووسَّعَ لغيره في الركوع في المسجد مع استحبابه أن لا يفعلوا، قاله عياضٌ. انتهى (١).
وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الثالثة -إن شاء الله تعالى- والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والماب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢١/ ٢٠٣٦ و ٢٠٣٧ و ٢٠٣٨](٨٨١)، و (أبو داود) في "الصلاة"(١١٣١)، و (الترمذيّ) في "الجمعة"(٥٢٣)، و (النسائيّ) في "الجمعة"(١٤٢٦) و"الكبرى"(١٧٤٣)، و (ابن ماجه) في "إقامة الصلاة"(١١٣٢)، و (الحميديّ) في "مسنده"(٩٧٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٢٤٩ و ٤٤٢ و ٤٩٩)، و (الدارميّ) في "سننه"(١٥٨٣)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه"(١٨٧٣ و ١٨٧٤)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(١٩٧٩ و ١٩٨٠ و ١٩٨١)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في التطوّع بعد الجمعة:
قال الإمام ابن المنذر رحمهُ اللهُ: قد اختلفوا في هذا الباب: فرأت طائفة أن يصلي بعدها أربعًا، هذا قول عبد الله بن مسعود، وإبراهيم، وإسحاق، وأصحاب الرأي.