وكلّهم ذُكروا في الباب، وهو مسلسل بالتحديث، والإخبار.
شرح الحديث:
عن عطاء بن أبي رباح (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) -رضي الله عنهما- (وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ) -رضي الله عنهما- أنهما (قَالَا: لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ) بتشديد الذال، مبنيًّا للمفعول (يَوْمَ الْفِطْرِ) منصوب على الظرفيّة لـ"يؤذّن"(وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى) قال ابن جُريج: (ثُمَّ سَأَلْتُهُ) أي: عطاء (بَعْدَ حِينٍ) أي: بعد زمن طويل (عَنْ ذَلِكَ) أي: عن الأذان والإقامة للعيد (فَأَخْبَرَنِي) وقوله: (قَالَ) بيان وتوضيح لمعنى "أخبرني"(أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيُّ) -رضي الله عنهما- (أَنْ) مخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف، وجملة "لا أذان … إلخ" خبرها، وإلى هذا أشار في "الخلاصة" حيث قال:
والتقدير هنا: أنه (لَا أَذَانَ)"لا" نافية للجنس، و"أذان" اسمها مبنيّ على الفتح؛ لتركّبه معها، وخبرها قوله:(لِلصَّلَاةِ يَوْمَ الْفِطْرِ) ظرف لـ"أذان"، وقوله (حِينَ يَخْرُجُ الْإِمَامُ) بدل من الظرف قبله؛ أي: وقت خروجه من مكانه إلى مكان الصلاة (وَلَا بَعْدَما يَخْرُجُ)"ما" مصدريّة؛ أي: بعد خروجه (وَلَا إِقَامَةَ، وَلَا نِدَاءَ) من عطف العامّ على الخاصّ، للتوكيد، وكذا قوله:(وَلَا شَيْءَ) من أنوع النداء، كقوله: الصلاة جامعة، كما يستحبّه الشافعيّة، وقوله:(لَا نِدَاءَ يَوْمَئِذٍ، وَلَا إِقَامَةَ) ذكره تأكيدًا لعدم مشروعيّة أيّ نوع من أنواع النداء لصلاة العيدين، قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هذا ظاهره مخالفٌ لما يقوله أصحابنا وغيرهم: إنه يُسْتَحبّ أن يقال: "الصلاة جامعة"، كما قدمنا، فيُتأوَّل على أن المراد: لا أذان، ولا إقامة، ولا نداء في معناهما، ولا شيء من ذلك. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: هذا التأويل الذي ذكره النوويّ عجيب غريب صدوره عن مثله، فإن بطلان هذا التأويل مما لا يتردّد فيه منصفٌ بعد أن سمع حديث جابر -رضي الله عنه- هذا الذي ذَكَره هنا بصيغ مؤكّدة، وكرّره مبالغة في التحذير عن مخالفته، فماذا بعد هذا النصّ الصحيح الصريح؟، وسيأتي تمام البحث في