(الأول): أن أثر الزهريّ هذا غير صحيح؛ لأنه من مرسله، ومعلوم أن مراسيله شبه ريح، فقد أخرج البيهقيّ من طريق أبي قُدامة السرخسيّ، عن يحيى بن سعيد قال: مرسل الزهريّ شرّ من مرسل غيره؛ لأنه حافظ، وكلما يقدر أن يسمي سمَّى، وإنما يترك من لا يستجيز أن يسمّيه، وقال ابن معين: مراسيل الزهريّ ليست بشيء، وقال الشافعيّ: إرسال الزهريّ عندنا ليس بشيء، وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم، ذكر هذا كلّه ابن رجب في "شرح علل الترمذيّ"(١).
(الئاني): أنه يُبطل أثره أيضًا ثبوت هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة في نفي الأذان والإقامة وجميع أنواع النداء بضدّه، فيبطل الاعتماد عليه.
(الثالث): أن القياس على الكسوف غير صحيح؛ لأنه في مقابلة النصّ، والقياس في مقابلة النصّ فاسد الاعتبار، كما سبق غير مرّة، فيكون اعتضاد المرسل الضعيف جدًّا بالقياس الفاسد، ولا يخفاك ما في هذا من الوهاء فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد.
والحاصل أن مذهب الجمهور الذين لا يرون مشروعيّة النداء للعيدين، لا بألفاظ الأذان المشهورة، ولا بغيرها؛ كالصلاةُ جامعة، ونحوها هو الحقّ الذي لا محيد عنه، فتمسّك به، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
[تنبيه]: اختُلِفَ في أول من أحدث الأذان في العيدين، فرَوَى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، عن سعيد بن المسيب أنه معاوية، ورَوَى الشافعيّ، عن الثقة، عن الزهريّ مثله، وزاد: فأخذ به الحجاج حين أُمِّر على المدينة.
وروى ابن المنذر عن حُصين بن عبد الرحمن، قال: أول من أحدثه زياد بالبصرة.
وقال الداوديّ: أول من أحدثه مروان، قال الحافظ: وكلُّ هذا لا ينافي أن معاوية أحدثه، كما تقدم في البداءة بالخطبة.
وقال ابن حبيب: أول من أحدثه هشام.
ورَوَى ابن المنذر، عن أبي قلابة قال: أول من أحدثه عبد الله بن الزبير،