وقال في "الفتح" ما حاصله: إن ترك الأذان في العيد ورد من حديث ابن عمر، وابن عبّاس، وجابر -رضي الله عنهم-، وغيرهم.
أما حديث ابن عمر، ففي رواية النسائيّ:"خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم عيد، فصلى بغير أذان ولا إقامة … " الحديث.
وأما حديث ابن عباس وجابر -رضي الله عنهم-، ففي رواية عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر، عند مسلم:"فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة"، وعنده من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر، قال:"لا أذان للصلاة يوم العيد، ولا إقامة، ولا شيء"، وفي رواية يحيى القطان، عن ابن جريج، عن عطاء، أن ابن عباس قال لابن الزبير:"لا تؤذن لها، ولا تُقِم"، أخرجه ابن أبي شيبة عنه.
ولأبي داود من طريق طاوس، عن ابن عباس:"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى العيد بلا أذان ولا إقامة"، إسناده صحيح.
وقد جاء الحديث أيضًا عن جابر بن سمرة، عند مسلم، وعن سعد بن أبي وقاص، عند البزار، وعن البراء، عند الطبرانيّ في "الأوسط".
وقال مالك في "الموطأ": سمعت غير واحد من علمائنا يقول: لم يكن في الفطر، ولا في الأضحى نداء، ولا إقامة، منذ زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليوم، وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.
قال الحافظ: واستُدِلّ بقول جابر: "ولا إقامة، ولا شيء" على أنه لا يقال أمام صلاتها شيء من الكلام، لكن رَوَى الشافعي عن الثقة، عن الزهريّ، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمر المؤذن في العيدين أن يقول:"الصلاة جامعة"، وهذا مرسل يَعْضِده القياس على صلاة الكسوف؛ لثبوت ذلك فيها، كما سيأتي.
قال الشافعيّ: أحبّ أن يقول: "الصلاة"، أو "الصلاة جامعة"، فإن قال: هلموا إلى الصلاة لم أكرهه، فإن قال: حي على الصلاة، أو غيرها من ألفاظ الأذان أو غيرها كرهت له ذلك. انتهى.
قال الجامع عفا الة عنه: قوله: "لكن رَوَى الشافعيّ … إلخ" غير مقبول؛ لأمور: