للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالثَّيِّبِ، وَالشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، وَالْحَائِضِ وَغَيْرِهَا، ما لم تَكُنْ مُعْتَدَّةً، أو كان في خُرُوجها فِتْنَةً، أو كان له عُذْرٌ.

وقد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ في ذلك على أَقْوَالٍ:

(أَحَدُهَا): أَنَّ ذلك مُسْتَحبٌّ، وَحَمَلُوا الْأَمْرَ فيه على النَّدْبِ، ولم يُفَرِّقُوا بَيْن الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، وَهَذَا قَوْلُ أبي حَامِدٍ من الْحَنَابِلَةِ، والْجُرْجَانِيِّ من الشَّافِعِيَّةِ، وهو ظَاهِرُ إطْلاقِ الشَّافِعِيِّ.

(الْقَوْلُ الثَّانِي): التَّفْرِقَةُ بين الشَّابَّةِ وَالْعَجُوزِ، قال الْعِرَاقِيُّ: وهو الذي عليه جُمْهُورُ الشَّافِعيَّةِ؛ تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ في "الْمُخْتَصَرِ".

(وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ): أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ لَهُنَّ مُطْلَقًا، وهو ظَاهِرُ كَلامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، فِيمَا نَقَلَهً عنه ابنُ قُدَامَةَ.

(وَالرَّابِعُ): أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وقد حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عن الثَّوْرِيِّ، وابن الْمُبَارِكِ، وهو قَوْلُ مَالِكٌ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَحَكَاهُ ابن قُدَامَةَ عن النَّخَعِيّ، وَيَحْيَى بن سَعيدٍ الْأَنْصَاري.

وَرَوَى ابنُ أبي شَيْبَةَ عن النَّخَعِيّ، أَنَّهُ كَرِهَ لِلشَّابَّةِ أَنْ تَخْرُجَ إلَى الْعِيدِ.

(الْقَوْلُ الْخَامِسُ): إنه حَقٌّ على النِّسَاءِ الْخُرُوجُ إلى الْعِيدِ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ، عن أبي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وابن عُمَرَ -رضي الله عنهم-.

وقد رَوَى ابنُ أبي شَيْبَةَ عن أبي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ -رضي الله عنهما- أَنَّهُمَا قَالا: حَقٌّ على كل ذَاتِ نِطَاقٍ الْخُرُوجُ إلَى الْعِيدَيْنِ. انتهى.

قال الشوكانيّ رحمهُ اللهُ: وَالْقَوْلُ بَكَرَاهَةِ الْخُرُوجِ على الْإِطْلاقِ رَدٌّ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَتَخْصِيصُ الشَّوَابِّ يَأْبَاهُ صَرِيحُ الحديث الْمُتَّفَقِ عليه وَغَيْرُهُ. انتهى كلام الشوكانيّ رحمهُ اللهُ (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن مما سبق أن الحقّ الذي دلّت عليه الأحاديث الصحيحة الصريحة المذكورة في "الصحيحين" وغيرهما هو


(١) "نيل الأوطار" ٣/ ٣٥٤.