للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القول بمشروعيّة خروج النساء إلى العيدين، مطلقًا عجائز كنّ، أو شابّات، طاهرات كنّ أو حُيّض، ولا مُتَمَسَّكَ للمانعين، إلا مجرّد النظر لتغير الزمان، وهذا غير مانع، فإن الشارع لَمَّا أمر بخروج النساء مطلقًا، شابّة كانت أو عجوزًا شرط عليها أن تتجلبب، وأن لا تخرج متطيّبة، ولا متبخّرة، فإذا وجد الشرط لا تُمنع، وأما إذا لم تلتزم بما اشترط عليها الشارع فقد مَنَعَت نفسها من الخروج، لا أن الشارع منعها، فإن حكم الشارع مستمرّ إلى قيام الساعة، لا يتغير بتغيّر الزمان، فالقول بمنع الشوابّ، دون العجائز، أو التفريق بين الصلوات مما لا برهان له، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد.

ثم رأيت الصنعانيّ رحمهُ اللهُ أيّد هذا في "حاشية العمدة" حيث قال -بعد ذكر أقوال المانعين-: قلت: وتنصيصه -صلى الله عليه وسلم- على العواتق وذوات الخدور يمنع التفصيل في إخراج العجائز دون الشوابّ، وهل النصّ إلا في الشوابّ؟ وقولهم: إن المفسدة كانت مأمونة في ذلك الزمان غير صحيح؛ إذ كلّ زمان فيه صالحون وغيرهم، وقد وقع في عصر النبوّة ما وقع في غيره من ارتكاب فاحشة الزنا، والسرقة، وغيرهما، نعم لا تخرج إلى الصلاة في ثياب زينة، ولا متطيّبة، بل تخرج متبذّلة؟ لورود النهي عن ذلك. انتهى كلام الصنعانيّ رحمهُ اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: لقد أجاد الصنعانيّ رحمهُ اللهُ في هذا التعقّب، وأفاد، وصَدَقَ في قوله: "وقد وقع في عصر النبوّة … إلخ".

أمَا سمع هؤلاء ما أخرجه أبو داود في "سنن" بسند حسن، عن وائل بن حجر -رضي الله عنه- أن امرأة خرجت على عهد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تريد الصلاة، فتلقّاها رجل، فتجلّلها، فقضى حاجته منها، فصاحت، وانطلق، فمرّ عليها رجلٌ، فقالت: إن ذاك فعل بي كذا وكذا، ومرت عصابة من المهاجرين، فقالت: إن ذلك الرجل فعل بي كذا وكذا … " الحديث.

أليست هذه الفاحشة وقعت على امرأة خرجت تصلى مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؟، فانتبهوا يا أولي الألباب.

والحاصل أن الصواب مشروعية خروج النساء إلى العيدين مطلقًا؛ إذا


(١) "العدّة حاشية العمدة" ٣/ ١٧٨.