للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القاضي عياض رحمهُ اللهُ: التكبير في العيدين أربعة مواطن: في السعي إلى الصلاة إلى حين يخرج الإمام، والتكبير في الصلاة، وفي الخطبة، وبعد الصلاة.

أما الأول فاختلفوا فيه، فاستحبه جماعة من الصحابة والسلف، فكانوا يكبرون إذا خرجوا حتى يبلغوا المصلى، يرفعون أصواتهم، وبه قال الأوزاعيّ، ومالك، والشافعيّ، وزاد استحبابه ليلة العيدين، وقال أبو حنيفة: يكبر في الخروج للأضحى دون الفطر، وخالفه أصحابه، فقالوا بقول الجمهور.

وأما التكبير بتكبير الإمام في الخطبة، فمالك يراه، وغيره يأباه، وأما التكبير المشروع في أول صلاة العيد، فقال الشافعيّ: هو سبع في الأولى، غير تكبيرة الإحرام، وخمس في الثانية، غير تكبيرة القيام، وقال مالك، وأحمد، وأبو ثور كذلك، لكن سبع في الأولى إحداهن تكبيرة الإحرام، وقال الثوريّ، وأبو حنيفة: خمس في الأولى، وأربع في الثانية بتكبيرة الإحرام والقيام، وجمهور العلماء يرى هذه التكبيرات متوالية متصلة، وقال عطاء، والشافعيّ، وأحمد: يستحب بين كل تكبيرتين ذكر الله تعالى، ورُوي هذا أيضًا عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.

وأما التكبير بعد الصلاة في عيد الأضحى، فاختلف علماء السلف ومن بعدهم فيه، على نحو عشرة مذاهب، هل ابتداؤه من صبح يوم عرفة، أو ظهره، أو صبح يوم النحر، أو ظهره؟ وهل انتهاؤه في ظهر يوم النحر، أو ظهر أول أيام النَّفْر، أو في صبح أيام التشريق، أو ظهره، أو عصره؟

واختار مالك، والشافعيّ، وجماعة ابتداءه من ظهر يوم النحر، وانتهاءه صبح آخر أيام التشريق، وللشافعيّ قولٌ: إلى العصر من آخر أيام التشريق، وقولٌ: إنه من صبح يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو الراجح عند جماعة من أصحابنا، وعليه العمل في الأمصار. انتهى (١).

وقال في "الفتح" بعد ذكره آثارًا تدلّ على ثبوت التكبير في يوم العيد، وأيام التشريق، ما حاصله: وقد اشتَمَلَت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك


(١) "شرح النوويّ" ٦/ ١٧٩ - ١٨٠.