للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه ثلاثة من الرواة من الفقهاء السبعة المشهورين بالمدينة، وهم الذين ذكرهم بعضهم بقوله:

إِذَا قِيلَ مَنْ فِي الْعِلْمِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَقَالَتُهُمْ … لَيْسَتْ عَنِ الْحَقِّ خَارِجَهْ

فَقُلْ هُمْ عُبَيْدُ اللهِ عُرْوَةُ قَاسِمٌ … سَعِيدٌ أَبُو بَكْرٍ سُلَيْمَانُ خَارِجَهْ

وقد أحسن الحافظ العراقي في "ألفية الحديث" حيثُ فصّلهم، فقال:

وَفِي الْكِبَارِ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ … خَارِجَةُ الْقَاسِمُ ثُمَّ عُرْوَةُ

ثُمَّ سُلَيْمَانُ عُبَيْدُ اللهِ … سَعِيدُ وَالسَّابِعُ ذُو اشْتِبَاهِ

إِمَّا أَبُو سَلَمَةٍ أَوْ سَالِمُ … أَوْ فَأَبُو بَكْرٍ خِلَافٌ قَائِمُ

٥ - (ومنها): أن فيه أبا هريرة - رضي الله عنه - أحفظ من روى الحديث في دهره، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَن ابْنِ شِهَابٍ) الزهريّ رحمه الله تعالى، أنه (قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ) تقدّم لنا أن الأولى كسر يائه المشدّدة (يَقُولَانِ) جملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (إِن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها (يَزْنِي الزَّانِي) قال في "التعريفات": "الزنى": هو الوطء في قُبُل خالٍ عن ملك وشُبهة. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى: "الزنى" في العرف الشرعيّ: هو إيلاج فرجٍ محرَّم في فرج محرَّم شرعًا، مشتهًى طَبْعًا، من حيث هو كذلك، فتحرّزوا بمشتهًى طبعًا من اللواط وإتيان البهيمة، وبقوله: "من حيث هو كذلك" عن وطء الْمُحْرِمة، والصائمة، والحائض، فإنه تحريم من جهة الموانع الخارجية. انتهى (٢).

(حِينَ يَزْنِي، وَهُوَ مُؤْمِنٌ) أي والحال أنه متّصفٌ بصفة الإيمان، وقَيَّدَ نفيَ الإيمان بحالة ارتكابه لها، ومقتضاه أنه لا يستمر بعد فراغه، وهذا هو الظاهر، ويحتمل أن يكون المعنى: أن زوال ذلك إنما هو إذا أقلع الإقلاع الكليّ، وأما


(١) "تعريفات الْجُرجانيّ" ص ٨٣.
(٢) "المفهم" ١/ ٢٤٥.