للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لو فرغ، وهو مُصِرّ على تلك المعصية، فهو كالمرتكب، فَيَتَّجِهُ أن نفي الإيمان عنه يستمرّ، ويؤيده قول ابن عباس - رضي الله عنهما -: "فإن تاب عاد إليه"، ولكن أخرج الطبريّ من طريق نافع بن جبير بن مطعم، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "لا يزني حين يزني وهو مؤمن، فإذا زال رجع إليه الإيمان، ليس إذا تاب منه، ولكن إذا تأخّر عن العمل به"، ويؤيده أن الْمُصرَّ، وإن كان إثمه مستمرًّا، لكن ليس إثمه كمن باشر الفعل، كالسرقة مثلًا، قاله في "الفتح".

(وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ") قال ابن مالك رحمه الله تعالى: فيه جواز حذف الفاعل، بدلالة الكلام عليه، والتقدير: ولا يشرب الشارب الخمر إلخ، ولا يرجع الضمير إلى السارق؛ لئلا يختص به، بل هو عامّ في حقّ كل من شرب، وكذا القول في "لا يَسْرِق"، و"لا يقتل"، وفي "لا يغل" - يعني في الروايات التي ثبت فيها ذلك - ونظير حذف الفاعل بعد النفي، قراءة هشام: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الآية [آل عمران: ١٦٩]- بفتح الياء التحتانية - أوَّلَهُ: أي لا يَحْسَبَنَّ حاسبٌ. انتهى.

(اعلم (: أنه اختلف النحاة في جواز حذف الفاعل، فمذهب الجمهور أنه لا يجوز حذفه، وإليه أشار في "الخلاصة" بقوله:

وَبَعْدَ فِعْلٍ فَاعِلٌ وَإِنْ ظَهَرْ … فَهْوَ وَإِلَّا فَضمِيرٌ اسْتَتَرْ

واستثنوا مواضع قليلة، مذكورة في كتب النحو، وأجاز الكسائيّ حذفه مطلقًا تمسّكًا بهذا الحديث، وبقوله تعالى: {إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ} [القيامة: ٢٦]، وبقوله: "إذا كان غدًا فأتني"، وأجاب الجمهور بأن الفاعل في كلها مستتر لا محذوف، ففي "يشرب" ضمير يعود للشارب المدلول عليه بالفعل، وفي {بَلَغَتِ} ضمير الروح المعلومة من السياق، وفي الأخير ضمير يعود لما دلّت عليه الحال المشاهدة، أي: إذا هو، أي: ما نحن عليه من السلامة غدًا فأتني (١)، والله تعالى أعلم.

وقوله: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ) موصول بالسند الماضي، وليس معلّقًا (فَأخْبَرَنِي


(١) راجع: "حاشية الخضريّ على شرح ابن عقيل" ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦.