والحديث دليل على عدم التنفّل قبل صلاة العيد وبعدها.
قال في "الفتح": وقد اختَلَف السلف في ذلك، فذكر ابن المنذر، عن أحمد أنه قال: الكوفيون يصلّون بعدها، لا قبلها، والبصريون يصلّون قبلها، لا بعدها، والمدنيون لا قبلها، ولا بعدها. وبالأول قال الأوزاعيّ، والثوريّ، والحنفيّة، وبالثاني قال الحسن البصريّ، وجماعة، وبالثالث قال الزهريّ، وابن جريج، وأحمد.
وأما مالك فمنعه في المصلَّى، وعنه في المسجد روايتان. وقال الشافعي في "الأمّ" ونقله عنه البيهقيّ في "المعرفة" بعد أن رَوَى حديث ابن عباس حديثَ الباب ما نصه: وهكذا يجب للإمام أن لا يتنفّل قبلها، ولا بعدها، وأما المأموم فمخالف له في ذلك، ثم بسط الكلام في ذلك. وقال الرافعي: يكره للإمام التنفّل قبل العيد وبعدها، وقيّده في "البويطيّ" بالمصلّى، وجرى على ذلك الصيمريّ، فقال: لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقاً، إلا للإمام في موضع الصلاة، وأما النوويّ في "شرح مسلم"، فقال: قال الشافعيّ، وجماعة من السلف: لا كراهة في الصلاة قبلها، ولا بعدها، فإن حُمِل كلامه على المأموم فهو مخالف لنصّ الشافعيّ المذكور، ويؤيد ما في "البويطيّ" حديث أبي سعيد: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزلة صلى ركعتين"، أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن، وقد صححه الحاكم، وبهذا قال إسحاق، ونقل بعض المالكية الإجماع على أن الإمام لا يتنقل في المصلى.
وقال ابن العربيّ: التنفل في المصلى لو فُعل لَنُقل، ومن أجازه رأى أنه وقتٌ مطلقٌ للصلاة، ومن تركه رأى أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، ومن اقتدى فقد اهتدى. انتهى.
والحاصل أن صلاة العيد لم يثبت لها سنة قبلها، ولا بعدها، خلافاً من قاسها على الجمعة، وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاصّ، إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة الذي في جميع الأيام، والله تعالى أعلم. انتهى ما في "الفتح".