وقولها:(يَوْمَ بُعَاثَ) - بضم الباء الموحّدة، وبالعين المهملة -، ويجوز صرفه، وترك صرفه، وهو الأشهر، وهو يومٌ جرت فيه بين قبيلتي الأنصار الأوس والخزرج في الجاهلية حَرْبٌ، وكان الظهور فيه للأوس، قال القاضي عياضٌ: قال الأكثرون من أهل اللغة وغيرهم: هو بالعين المهملة، وقال أبو عبيدة بِالْغَين المعجمة، والمشهور المهملة، كما قدمناه. انتهى.
وقال في "الفتح": "يومُ بُعاثَ" هو: يوم قُتل فيه صناديد الأوس والخزرج، وهو يوم قدّمه الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فقد قَدِمَ المدينةَ، وقد افترق ملؤهم، وقُتلت سَرَوَاتهم.
و"بُعاث" بضم الموحدة، وبعدها مهملة، وآخره مثلّثة، وهو موضع على ليلتين من المدينة، وقيل: اسم حصن للأوس، وكانت وقعة بُعاث على ما رجحه الحافظ في "الفتح" قبل مقدم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - المدينة بثلاث سنين، وقيل: بخمس سنين، ودامت الحرب بين الحيين قبل ذلك مائة وعشرين سنة، وسببه أن رجلاً يقال له كعب من بني ثعلبة، نزل على مالك بن عَجْلان الخزرجيّ، فحالفه، فقتله رجل من الأوس، يقال له سُمَير، فكان ذلك سبب الحرب بينهما، وكان رئيس الأوس يوم بُعاث حُضير والد أُسيد، فجُرح يومئذ، فمات بعد مدة من جراحته، وكان رئيس الخزرج عمرو بن النعمان، فجاءه سهم في القتال، فصرعه، فهُزِموا بعد أن كانوا قد استظهروا.
(قَالَتْ: وَلَيْسَتَا بِمُغَنِّيَتَيْنِ) معناه ليستا ممن يعرف الغناء، كما تعرفه المغنّيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرّزٌ من الغناء المعتاد عند المشتهرين به الذي يُحَرّك النفوسَ، ويبعثها على الهوى والغزل والمجون الذي يُحرّك الساكن، ويبعث الكامن.
قال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا النوع إذا كان في شعر يشبّب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهنّ، وذكر الخمور، والمحرّمات لا يُختلف في تحريمه؛ لأنه اللهو واللعب المذموم بالاتّفاق، فأما ما يسلم من تلك المحرّمات، فيجوز القليل منه، وفي أوقات الفرح، كالعُرْس، والعيد، وعند التنشيط على الأعمال الشاقّة، ويدلّ على جواز هذا النوع هذا الحديث، وما في معناه، على ما يأتي في أبوابه، مثل ما جاء في الوليمة، وفي حفر الْخَنْدق، وفي حَدْوِ الْحَبَشَة،