لم يكن عَلِمَ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يراهم، قاله في "الفتح"، وهو بحثٌ نفيسٌ.
(حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ) بكسر اللام الأولى، قال في "المصباح": مَلِلتُهُ، ومَلِلتُ منه مَلَلاً، من باب تَعِبَ، وملالةً: سَئِمْتُ، وضَجِرْتُ، والفاعل مَلُولٌ، ويتعدّى بالهمزة، فيقال: أمللته الشيء. انتهى (١).
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("حَسْبُكِ؟ ") بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: أحسبك، والخبر محذوف؛ أي: أكافيك هذا القدر؟.
(قُلْتُ: نَعَمْ) أي: نعم يكفيني (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَاذْهَبِي") أي: ارجعي إلى حجرتك، وانصرفي عن النظر إليهم.
وفي رواية الزهريّ عند البخاريّ:"حتى أكون أنا الذي أسأم"، وفي رواية المصنّف التي قبل هذا:"ثم يقوم من أجلي، حتى أكون أنا التي أنصرف"، وفي رواية يزيد بن رُومان، عند النسائيّ:"أما شَبِعتِ؟، أما شَبِعت؟ قالت: فجعلت أقول: لا؛ لأنظر منزلتي عنده"، وله من رواية أبي سلمة، عنها:"قلت: يا رسول الله، لا تَعْجَل، فقام لي، ثم قال: حسبكِ؟ قلت: لا تعجل، قالت: وما بي حبُّ النظر إليهم، ولكن أحببت أن يبلغ النساءَ مَقَامُهُ لي، ومكاني منه"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه، وأما تخريجه، فقد تقدّم أول الباب.
(المسألة الثانية): في فوائده، وإن كان بعضها تقدّم:
١ - (منها): بيان جواز الغناء، واللعب في يومي العيدين.
٢ - (ومنها): بيان الرخصة في الاستماع إلى الغناء، وضرب الدف يوم العيد، وجواز النظر إلى اللهو المباح.
٣ - (ومنها): بيان حسن خلق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مع أهله، وكريم معاشرته.