للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أو كانت تنظر إلى لعبهم بحرابهم، لا إلى وجوههم وأبدانهم، وإن وقع بلا قصد أمكن أن تصرفه في الحال. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: والأرجح أن نظر النساء إلى الرجال الأجانب بلا خوف فتنة جائز، لحديث الباب وغيره، كما هو مذهب البخاريّ -رَحِمَهُ اللهُ-، كما أوضح ذلك في الترجمة المذكورة آنفاً، ومن أقوى الحجة على ذلك إجماع المسلمين من غير نكير على خروج الرجال في الطرقات، وفي أعمالهم كاشفين ما عدا العورات من أجسادهم، مع مشاهدة النساء الأجانب لهم، ولم يرد نصّ، ولا يوجد قول لأحد بإلزام الرجال الحجاب، كما ألزم النساء بذلك عند الخروج.

وأما احتجاج من احتجّ على المنع بقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: ٣١]، ففيه نظر لا يخفى، فإن الأمر بالغضّ عند خوف الفتنة؛ جمعاً بين الأدلة.

وأما الاحتجاج بحديث أم سلمة وأم حبيبة - رضي الله عنها - حين قالتا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنه أعمى لا يُبصرنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أفعمياوان أنتما؟ " (١)، فهذا حديث ضعيف؛ لأن في سنده نبهان مولى أم سلمة لم يرو عنه إلا الزهري، فهو مجهول العين، وعلى تقدير صحّته، يُحْمَل على أن أمهات المؤمنين لسن كغيرهن في مثل هذا، بل يلزمهنّ الاحتياط، فيكون من باب التشديد في الورع؛ لرفعة منزلتهنّ، كما أخبر الله تعالى بذلك، فقال: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: ٣٢]، والله تعالى أعلم.

٢٠ - (ومنها): أنه تمسّك بقولها: "فاقدِروا قدرَ الجارية الحديثة السنّ


(١) هو ما أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن نبهان، مولى أم سلمة، أنه حدثه، أن أم سلمة حدثته، أنها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وميمونة، قالت: فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم، فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتجبا منه"، فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى، لا يبصرنا، ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟ ".