للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(دَخَلَ الْمَسْجِدَ) أي: النبويّ (يَوْمَ جُمُعَةٍ) وفي نسخة: "يوم الجمعة" (مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ) قال القاضي عياض - رحمه الله -: سُمِّيت دار القضاء؛ لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الذي كتبه على نفسه لبيت مال المسلمين، وأوصى ابنه عبد الله أن يبيع فيه ما له بالغابة، فإن عجز ما له استعان ببني عديّ، ثم بقريش، فباع ابنه داره هذه لمعاوية، وماله بالغابة، وقَضَى دينه، وكان ثمانية وعشرين ألفاً، وكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم اختصروا، فقالوا: دار القضاء، وهي دار مروان، وقال بعضهم: هي دار الإمارة، وغُلِّط؛ لأنه لَمّا بلغه أنها دار مروان، ظنّ أن المراد بالقضاء الإمارة، والصواب ما قدمناه. انتهى كلام القاضي - رحمه الله - (١).

قال النوويّ - رحمه الله - بعد نقله كلام القاضي المذكور ما نصّه: قوله: إن دَينه كان ثمانية وعشرين ألفاً غريبٌ، بل غلطٌ، والصحيح المشهور أنه كان ستة وثمانين ألفاً، أو نحوه، هكذا رواه البخاري في "صحيحه"، وكذا رواه غيره من أهل الحديث، والسير، والتواريخ، وغيرهم. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله -، وهو تعقّبٌ حسنٌ.

وفي رواية البخاريّ: "أن رجلاً دخل يوم الجمعة من بابٍ كان وِجاهَ المنبر"، قال في "الفتح"، قوله: "من باب كان وجاه المنبر" بكسر واو "وِجاه"، ويجوز ضمُّها؛ أي: مُوَاجهةَ، ووقع في شرح ابن التين: أن معناه مستدبر القبلة، وهو وَهَمٌ، وكأنه ظنّ أن الباب المذكور كان مقابل ظهر المنبر، وليس الأمر كذلك.

ووقع في رواية إسماعيل بن جعفر: "من باب كان نحوَ دار القضاء"، وفَسَّر بعضهم دار القضاء بأنها دار الإمارة، وليس كذلك، وإنما هي دار عمر بن الخطاب، وسُمِّيت دار القضاء؛ لأنها بيعت في قضاء دينه، فكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك، فقيل لها: دار القضاء، ذكره الزبير بن بَكّار بسنده إلى ابن عمر - رضي الله عنهما -، وذكر عمر بن شَبّة في "أخبار المدينة" عن أبي غسان المدنيّ، سمعت بن أبي فُديك، عن عمة: كانت دار القضاء لعمر، فأمر عبد الله


(١) "إكمال المعلم" ٣/ ٣١٩.