للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال في "العمدة" نقلاً عن "التلويح": القَزَعة مثالُ شَجَرة: قطعةٌ من السحاب رقيقة، كأنها ظِلّ إذا مرّت من تحت السحاب الكثير، وقال أبو حاتم: القزع السحاب المتفرق، وقال يعقوب عن الباهليّ: يقال: ما على السحاب قَزَعَةٌ؛ أي: شيء من غيم، ذكره في "الموعب"، وفي "تهذيب الأزهريّ": كلُّ شيء متفرقٍ فهو قَزَعٌ، وفي "المحكم": أكثر ما يكون ذلك في الخريف. انتهى (١).

(وَمَا بَيْنَنَا) وفي نسخة: "ولا بيننا" (وَبَيْنَ سَلْعٍ) - بفتح السين المهملة، وسكون اللام -: جبل معروف بالمدينة، وقد حُكِيً أنه بفتح اللام (مِنْ بَيْتٍ، وَلَا دَارٍ) أي: يحجبنا عن رؤيته، وأشار بذلك إلى أن السحاب كان مفقوداً، لا مستتراً ببيت ولا غيره، ووقع في رواية للبخاريّ في "علامات النبوة"، عن ثابت قال: قال أنس: وإن السماء لفي مثل الزجاجة؛ أي: لشدّة صفائها، وذلك مشعرٌ بعدم السحاب أيضاً.

(قَالَ) أنس - رضي الله عنه - (فَطَلَعَتْ) أي: ظهرت (مِنْ وَرَائِهِ) أي: من وراء سلع، وكأنها نشأت من جهة البحر؛ لأن وضع سلع يقتضي ذلك (سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ) أي: مستديرة، ولم يُرِد أنها مثله في القدر؛ لأن في رواية حفص بن عبيد الله عند أبي عوانة: "فنشأت سحابة مثل رجل الطائر، وأنا أنظر إليها"، فهذا يُشعر بأنها كانت صغيرة، وفي رواية للبخاريّ: "فهاجت ريح أنشأت سحاباً، ثم اجتمع"، وفي رواية له: "فنشأ السحاب بعضه إلى بعض"، وفي رواية: "حتى ثار السحاب أمثال الجبال"؛ أي: لكثرته، وفيه: "ثم لم ينزل عن منبره حتى رأينا المطر يتحادر على لحيته"، وهذا يدلّ على أن السقف وَكَفَ؛ لكونه كان من جريد النخل.

(فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ) يعني: أنها بلغت إلى وسط السماء، وهي على هيئة مستديرة، ثم انتشرت، وانبسطت حينئذ، وكأن فائدته تعميم الأرض بالمطر.

(ثُمَّ أَمْطَرَتْ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في النسخ، وكذا جاء في


(١) "عمدة القاري" ٧/ ٣٩.