للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر محمد بن الحسن المخزوميّ في "أخبار المدينة" بإسناد له أن أوّل من سماه وادي قناة تُبَّعٌ اليمانيّ لَمّا قَدِم يَثْرِب قبل الإسلام، وفي رواية له: أن تُبَّعاً بَعَثَ رائداً ينظر إلى مزارع المدينة، فقال: نظرت، فإذا قَنَاةُ حَبّ ولا تِبْنَ، والْجُرُفُ حبّ وتبنٌ، والحرار -يعني: جمع حَرّة بمهملتين - لا حبّ ولا تبن. انتهى.

ووقع عند البخاريّ في "الجمعة" بلفظ: "وسال الوادي قناة"، وأُعرِب بالضم على البدل، على أن "قَناة" اسم الوادي، ولعله من تسمية الشيء باسم ما جاوره، قال الحافظ - رحمه الله -: وقرأت بخط الرضيّ الشاطبيّ، قال: الفقهاءُ تقوله بالنصب والتنوين، يتوهمونه قَنَاةً من القَنَوَات، وليس كذلك. انتهى. وهذا الذي ذكره قد جَزَم به بعض الشُّرّاح، وقال: هو على التشبيه؛ أي: سال مثل القناة. انتهى (١).

وقوله: (وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلَّا أَخْبَرَ بِجَوْدٍ) بفتح الجيم، وإسكان الواو: هو المطر الغزير، وهذا يدلّ على أن المطر استمرّ فيما سوى المدينة، فقد يُشكل بأنه يستلزم أن قول السائل: "هلكت الأموال، وانقطعت السبل" لم يرتفع الهلاك ولا القطع، وهو خلاف مطلوبه، ويمكن الجواب بأن المراد أن المطر استمرّ حول المدينة من الإكام، والظراب، وبطون الأودية، لا في الطرق المسلوكة، ووقوع المطر في بقعة دون بقعة كثيرٌ، ولو كانت تُجاورها، وإذا جاز ذلك جاز أن يوجد للماشية أماكن تُكِنّها، وتَرْعَى فيها، بحيث لا يضرها ذلك المطر، فيزول الإشكال، قاله في "الفتح" (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي.

[تنبيه]: رواية إسحاق بن عبد الله، عن أنس - رضي الله عنه - هذه ساقها الإمام البخاريّ - رحمه الله -، فقال:

(٩٣٣) حدّثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدّثنا الوليد بن مسلم، قال: حدّثنا أبو عمرو الأوزاعيّ، قال: حدّثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة،


(١) راجع: "الفتح" ٣/ ٣٦٧ - ٣٦٨.
(٢) "الفتح" ٣/ ٣٦٨.