للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كذلك، وقيل: شديدُ الريح نقله المطرزي عن الفارسيّ. انتهى (١).

و"الغيْمُ": السحاب، الواحدة غَيْمة، وهو في الأصل مصدرٌ، من غامت السماءُ، من باب سار: إذا أَطْبق بها السحاب، وأغامت بالألف، وغَيَّمَت، وتغَيَّمت مثله، والغين بالنون لغة في الغيم، وغِينَتِ السماءُ باليناء للمفعول: غُطِّيت بِالغين، قاله الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٢).

(عُرِفَ) بالبناء للمفعول (ذَلِكَ لم أي: أَثر يوم الريح والغيم (فِي وَجْهِهِ) - صلى الله عليه وسلم -، هو بمعنى قوله في الرواية التالية: "وإذا تخيّلت السماء تغيّر لونه"؛ يعني: أن أثر الخوف ظهر في وجهه - صلى الله عليه وسلم -؛ خوفاً من أن يحصل من تلك الريح أو الغيم ما فيه ضرر للناس (وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ) أي: لا يستقوّ في حال واحد من شدّة الخوف (فَإذَا مَطَرَتْ) أي: نزل مطر السحاب، وقد سبق أن الصحيح جواز أن يقال: أمَطرت بالألف أيضاً (سُرَّ بِهِ) بالبناء للمفعول؛ أي؛ استبشر، وفَرِح بذلك المطر (وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ) أي: ما سبق من تغيّر الوجه، وحصول الغمّ والكرب (قَالَتْ عَائِشَةُ) - رضي الله عنها - (فَسَأَلْتُهُ) أي: عن سبب ذلك، وفي رواية سليمان بن يسار، عنها الآتية: "فقالت: يا رسول الله أرى الناس إذا رأوا الغيم فَرِحُوا؛ رجاء أن يكون فيه مطرٌ، وأراك إذا رأيته عرَفتُ في وجهك الكراهية" (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَاياً، سُلِّطَ) بالبناء للمفعول (عَلَى أُمَّتِي") قال القرطبي -رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: على الْعُتَاة عليه، والعصاة له من أمته، وكان - صلى الله عليه وسلم - لعظيم حلمه، ورأفته، وشفقته يرتجي لهم الفلاح، والرجوع إلى الحقّ، وهذا كما قال يوم أُحد: "اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون"، وقيل: خاف أن تعمّهم العقوبة بسبب العصاة منهم، والأول أصحّ. انتهى (٣).

وفي رواية سليمان بن يسار المذكورة: "قالت: فقال: يا عائشة ما يُؤَمّنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح، وقد رأى قوم العذاب، فقالوا: هذا عارض ممطرنا".

(وَيَقُولُ) - صلى الله عليه وسلم - (إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: "رَحْمَةٌ") خبر لمحذوف؛ أي: هذا رحمة


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٤٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٦٠.
(٣) "المفهم" ٢/ ٥٤٧.