٣ - (ومنها): ما قيل: كان خوفه - صلى الله عليه وسلم - أن يعاقبوا بعصيان العصاة، وسروره لزوال سبب الخوف.
٤ - (ومنها): استحباب الفرح والسرور عند نزول المطر؛ لأنه رحمة مهداة من الله تعالى لعباده، فينبغي أن يُفرَح به، كما قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}[يونس: ٥٨].
٥ - (ومنها): أنه ينبغي أن يتذكّر الإنسان، ولا يذهل ما وقع في الأمم الخالية، ويحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه من المعاصي؛ لئلا يصيبه مثل ما أصابهم.
٦ - (ومنها): استحباب الدعاء عند هبوب الريح، لما في الرواية التالية.
٧ - (ومنها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من كمال الشفقة، وشدّة الرأفة بأمته، كما وصفه الله -عَزَّ وَجَلَّ- بقوله: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)} [التوبة: ١٢٨].
[فإن قلت]: كيف يخشى - صلى الله عليه وسلم - أن تُعَذّب أمته، وهو فيهم، وقد قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ}[الأنفال: ٣٣]؟.
[قلت]: أجاب ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللهُ- بأن الآية نزلت بعد هذه القصة، قال: ويتعيّن الحمل على ذلك؛ لأن الآية دلّت على كرامة له - صلى الله عليه وسلم - ورفعِهِ، فلا يُتَخَيَّل انحطاط درجته أصلاً.
وتعقّبه الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- بأنهْ يَعْكُر عليه أن آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر، وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - إشعار بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يواظب على ذلك من صنيعه، كان إذا رأى فعل كذا، والأولى في الجواب أن يقال: إن في آية الأنفال احتمالَ التخصيص بالمذكورين، أو بوقت دون وقت، أو أن مقام الخوف يقتضي غلبة عدم الأمن من مكر الله، وأولى من الجميع أن يقال: خَشِيَ على من ليس هو فيهم أن يقع بهم العذاب، أما المؤمن فشفقة عليه؛ لإيمانه، وأما الكافر فلرجاء إسلامه، وهو - صلى الله عليه وسلم - بُعِث رحمةً للعالمين. انتهى كلام الحافظ -رَحِمَهُ اللهُ- (١)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
(١) راجع: "الفتح" ٧/ ٥٠٩ - ٥١٠ "كتاب بدء الخلق" رقم (٣٢٠٦).