الأخرى، فسيأتي للمصنّف في "صفة الجَنَّة والنار" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ:"رأيت عمرو بن عامر الخزاعيّ، يجرّ قصبه في النار، وكان أول من سيب السوائب".
أي: إنما رآه يجرّ قُصْبه - بضم، فسكون - أي: أمعاءه في النار؛ لأنه الذي غيّر دين إبراهيم، وإسماعيل، فسيّب السوائب.
وذكر ابن إسحاق في "السيرة الكبرى" عن محمد بن إبراهيم التيميّ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:"سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لأكثم بن الجون: "رأيتُ عمرو بن لُحيّ، يجرّ قُصبه في النار؛ لأنه أوّل من غيّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وسيّب السائبة، وبَحَرَ البحيرة، ووصَلَ الوصيلة، وحَمَى الحامي".
وروى الطبرانيّ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - رفعه: "أول من غيّر دين إبراهيم عمرو بن لُحيّ بن قَمَعَة بن خِنْدِف، أبو خُزاعة".
وذكر الفاكهيّ من طريق عكرمة نحوه مرسلًا، وفيه: فقال المقداد: يا رسول الله مَن عمرو بن لُحيّ؟ قال: "أبو هؤلاء الحيّ من خُزاعة".
وذكر ابن إسحاق أيضًا أن سبب عبادة عمرو بن لُحَيّ الأصنام أنه خرج إلى الشام، وبها يومئذ العماليق، وهم يعبدون الأصنام، فاستوهبهم واحدًا منها، وجاء به إلى مكة، فنصبه إلى الكعبة، وهو هُبَل.
وكان قبل ذلك في زمن جُرْهُم قد فَجَرَ رجل، يقال له: إساف بامرأة، يقال لها: نائلة في الكعبة، فمسخهما الله جلّ وعلا حجرين، فأخذهما عمرو بن لحيّ، فنصبهما حول الكعبة، فصار من يطوف يتمسّح بهما، يبدأ بإساف، ويختم بنائلة.
وذكر محمد بن حبيب، عن ابن الكلبيّ أن سبب ذلك أن عمرو بن لحيّ كان له تابع من الجنّ، يقال له: أبو ثمامة، فأتاه ليلة، فقال: أَجِبْ أبا ثمامة، فقال: لبيك من تهامة، فقال: ادخل بلا ملامة، فقال: ايت سِيفَ جُدّة، تجد آلهةً مُعدّة، فخذها، ولا تهب، وادع إلى عبادتها تُجَبْ، قال: فتوجه إلى جدّة، فوجد الأصنام التي كانت تُعبد في زمن نوح وإدريس، وهي وَدّ، وسُواع، وَيغوث، ويعوق، ونسر، فحملها إلى مكة، ودعا إلى عبادتها، فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب.