للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: أخرج الشيخان عن سعيد بن المسيب، أنه قال: "البَحيرة" التي يُمنَع دَرّها للطواغيت، فلا يَحلُبُها أحد من الناس، و"السائبة" كانوا يُسيّبونها لآلهتهم، فلا يُحمَل عليها شيء، و"الوصيلة": الناقة تُبكّر في أول نتاج الإبل بأنثي، ثم تثنّي بعدُ بأنثي، وكانوا يسيّبونها لطواغيتهم أَن وَصَلت إحداهما بالأخرى، ليس بينهما ذكر، و"الحام": فَحلُ الإبل، يَضْرِب الضِّرَابَ المعدود، فإذا قضى ضِرَابه، وَدَعُوه للطواغيت، وأَعْفَوه من الحمل، فلم يُحمَل عليه شيء، وسَمَّوه الحامي. انتهى.

وقال القرطيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وقد اختُلف في تفسير هذه الأشياء، فالسائبة: الناقة إذا تابعت بين عَشر إناث، ليس بينهنّ ذكر سُيّبت، فلم يُركب ظهرها، ولم يُجزّ وَبَرها، ولم يَشرَب لبنها إلَّا ضيف، في نتجت بعد من أنثى شُقّت أذنها، ثم خُلّي سبيلها مع أمها على حكمها، وهي البَحِيرة بنت السائبة، وسُمّيت بذلك لأنَّها بُحرت أذنها؛ أي: شُقَّت شقًّا واسعًا، وهذا قول ابن إسحاق، وقال غيره: السائبة: هي التي يَنذُرها الرجل؛ أي: يُسيّبها إن برئ من مرضه، أوأصاب أمرًا يطلبه، فإذا كان ذلك أسابها، فسابت، لا يُنتفع بها.

قال ابن إسحاق: والوصيلة: الشاة إذا أَتْأَمَت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطُن ليس بينهن ذَكر، قالوا: وَصَلَتْ، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منهم دون الإناث، إلَّا أن يموت شيء منها، فيشترك فيه ذكورهم وإناثهم.

وقال كثير من أهل اللغة: إن الشاة كانت إذا ولدت أنثى، فهي لهم، وإذا ولدت ذكرًا ذبحوه لآلهتهم، وإذا ولدت ذكرًا وأنثى لَمْ يذبحوا الذكر، وقالوا: وصلت أخاها، فيسيّبون أخاها، ولا ينتفعون به.

والحامي: الفحل إذا رُكب ولد ولده، وقيل: إذا نُتج من صلبه عشرة أبطن، قالوا: حَمَى ظهره، فلا يُركب، ولا يُنتفع به، ولا يُمنع من ماء، ولا كلأ. انتهى كلام القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقوله: (وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي الطَّاهِرِ … إلخ) أراد به بيان اختلاف شيوخه أيضًا، فبيّن أن هذا السياق بطوله لشيخيه حرملة، ومحمد بن سلمة المراديّ،


(١) "المفهم" ٢/ ٥٥٥.