للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المؤاخذة بالصغائر، قال: وليس فيه أنَّها عُذِّبت عليها بالنار، قال: ويَحْتَمِل أنَّها كانت كافرةً، فزيد في عذابها بذلك. انتهى.

وتعقّبه النوويّ، فقال: وهذا ليس بصواب، جل الصواب المصرَّح به في الحديث، أنَّها عُذِّبت بسبب الهرّة، وهو كبيرةٌ؛ لأنَّها ربطتها، وأصرّت على ذلك حتى ماتت، والإصرار على الصغيرة يجعلها كبيرةً، كما هو مقرَّر في كتب الفقه وغيرها، وليس في الحديث ما يقتضي كفر هذه المرأة. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو تعقّبٌ وجيهٌ.

وقوله أيضًا: "وليس فيه - أي: الحديث - أنَّها عُذّبت عليها بالنار" فيه نظر لا يخفي، كيف، والحديث صريح في ذلك، حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: "وعُرِضت على النار، فرأيت فيها امرأةُ من بني إسرائيل تُعذّب في هرّة"؛ أي: تعذّب في النار، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(وَرَأَيْتُ أَبَا ثُمَامَةَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ) هكذا هو في هذه الرواية، وتقدّم في حديث عائشة رمنها أنه عمرو بن لُحَيّ (يَجُرُّ قُصْبَهُ) بضمّ القاف، وإسكان الصاد؛ أي: أمعاءه (فِي النَّارِ) تقدّم في حديث عائشة - رضي الله عنها - سبب تعذيبه بذلك؛ لأنه أول من سيّب السوائب، وجاء في رواية عند ابن إسحاق في "السيرة": لأنه أول من غَيَّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وسيّب السائبة، وبَحَرَ البحيرة، ووصل الوصيلة، وحَمَى الحامي" (١).

(وَإِنَّهُمْ) أي: الناس (كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ إِلَّا لِمَوْتِ عَظِيمٍ، وَإِنَّهُمَا) أي: الشمس والقمر (آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُرِيكُمُوهُمَا، فَإِذَا خَسَفَا) بالبناء للفاعل، من باب ضرب، وَيحْتَمِل أن يكون بالبناء للمفعول (فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ") أفرد الضمير باعتبار الآية، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.


(١) راجع: "الفتح" ٨/ ٧٧ "كتاب المناقب" رقم (٣٥٢١).