(قَالُوا: بِمَ) وللنسائيّ: "لِمَ" باللام (يَا رَسُولَ اللهِ؟، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("بِكُفْرِهِنَّ"، قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللهِ؟) القائل هي: أسماء بنت يزيد بن السكن التي كانت تعرف بخطيبة النساء (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("بِكُفْرِ الْعَشِيرِ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا ضبطناه "بكفر" بالباء الموحّدة الجارّة، وضمّ الكاف، وإسكان الفاء، وفيه جواز إطلاق الكفر على كفران الحقوق، وإن لم يكن ذلك الشخص كافرًا بالله تعالى، وقد سبق شرح هذا اللفظ مرّات، و"العشير": المعاشر، كالزوج وغيره، وفيه ذمّ كفران الحقوق لأصحابها. انتهى (١).
وقال الكرمانيّ - رحمه الله -: وإنما لم يُعَدّه بالباء، كما عَدّى الكفر بالله؛ لأنَّ كفر العشير لا يتضمّن معنى الاعتراف. انتهى.
وقوله:(وَبِكُفْرِ الْإِحْسَانِ) كأنه بيان لقوله: "يكفرن العشير"؛ لأنَّ المقصود كفر إحسان العشير، لا كفران ذاته، والمراد بكفر الإحسان تغطيته، أو جحده، ويدلّ عليه قوله:(لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ) "لو" هنا شرطيةٌ، لا امتناعيةٌ، وقال الكرمانيّ: ويَحْتَمِل أن تكون امتناعيةً بأن يكون الحكم ثابتًا على النقيضين، والطرف المسكوت عنه أولى من المذكور، و"الدهرَ" منصوب على الظرفية، والمراد منه عمر الرجل، أو الزمان كله، مبالغةً في كفرانهنّ، وليس المراد بقوله: "أحسنت" مخطابة رجل بعينه، بل كلّ من يتأتّى منه أن يكون مخاطبًا، فهو خاصّ لفظًا، عامّ معنى (ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا) التنوين فيه للتقليل؛ أي: شيئًا قليلًا لا يوافق غرضها، من أي نوع كان.
ووقع في حديث جابر - رضي الله عنه - ما يدلّ على أن المرئيّ في النار من النساء من اتصف بصفات ذميمة ذُكرتْ، ولفظه: "وأكثر من رأيت فيها من النساء اللاتي إن ائتُمنّ أفشين، وإن سُئلن بَخِلنَ، وإن سألن ألْحَفْنَ، وإن أُعْطين لم يشكرن … " الحديث.
(قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ") الظاهر أن التنوين في "خيرًا" أيضًا للتقليل؛ أي: لم أر منك قليلًا من الخير، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.