للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

السماع والأكل إلى يوم القيامة بدليل قوله: "ما بقيت الدنيا". انتهى (١).

(مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا) "ما" مصدرية ظرفية؛ أي: مُدّةَ بقاء الدنيا؛ أي: لعدم فناء فواكه الجنة، وقول البيضاويّ: وجه ذلك إما بأن يخلق الله تعالى مكان كلّ حبّة تُقتطف حبّة أخرى، كما هو المرويّ في خواصّ ثمر الجنّة، أو بأن يتولّد منه مثله في الزرع، فيبقى نوعه ما بقيت الدنيا، فيؤكل منه. انتهى (٢).

(وَرَأَيْتُ النَّارَ) وقع في رواية عبد الرزّاق المذكورة أن رؤيته النار كانت قبل رؤيته الجنة، وذلك أنَّه قال فيه: "عُرضت على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - النارُ، فتأخر عن مصلاه، حتى إن الناس ليركب بعضهم بعضًا، وإذا رجع عُرضت عليه الجنة، فذهب يمشي حتى وقف في مصلّاه"، ولمسلم من حديث جابر المتقدّم: "لقد جيء بالنار حين رأيتموني تأخّرت، مخافة أن يصيبني من لَفْحها"، وفيه: "ثمَّ جيء بالجنة، وذلك حين رأيتموني تقدّمت، حتى قمت في مقامي"، وزاد فيه: "ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه"، وفي حديث سمرة عند ابن خزيمة: "لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لاقون في دنياكم وآخرتكم".

(فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ) "منظرًا" تمييز محوَّل عن المضاف؛ أي: كمنظر اليوم، والمراد باليوم الوقت، فالمعنى: كالمنظر الذي رأيته الآن، وقال في "الفتح": المراد باليوم الوقت الذي هو فيه؛ أي: لم أر منظرًا مثل منظرٍ رأيته اليوم، فحَذَف المرئيّ، وأدخل التشبيه على اليوم لبشاعة ما رأى فيه، وبُعْده عن المنظر المألوف، وقيل: الكاف اسم، والتقدير: ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرًا، ووقع في رواية المستملي، والحموي: "فلم انظر كاليوم قط أفظع". انتهى. والفظيع: الشديد الشنيع.

(وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ") قال الحافظ - رحمه الله -: هذا يفسّر وقتَ الرؤية في قوله لهنّ في خطبة العيد: "تصدّقن، فإني رأيتكنّ أكثر أهل النار". انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: فيما قاله نظر؛ إذ لا يتعيّن هذا تفسيرًا لما ذكره؛ إذ يحتمل أن يراهن في وقت آخر أيضًا، والله تعالى أعلم.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٣١٢.
(٢) راجع: "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١٣١٢.