للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قولًا، فسُرِرت به، قال: "لا تصيب أحدًا من المسلمين مصيبةٌ، فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول: اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلَّا فعل ذلك به"، قالت أم سلمة: فحفظت ذلك منه، فلما تُوفي أبو سلمة استرجعت، وقلت: "اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلفني خيرًا منه"، ثم رجعت إلى نفسي قلت: من أين لي خير من أبي سلمة؛ فلما انقضت عدّتي، استأذن علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا أدبغ إهابًا لي، فغسلت يدي من القَرَظ، وأَذِنت له، فوضعت له وِسَادةَ أَدَمٍ حَشْوها لِيفٌ، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي، فلما فرغ من مقالته، قلت: يا رسول الله ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيّ، ولكني امرأة فيّ غَيْرةٌ شديدةٌ، فأخاف أن ترى مني شيئًا يعذبني الله به، وأنا امرأة دخلت في السنّ، وأنا ذات عيال، فقال: "أما ما ذكرت من الْغَيْرة، فسوف يذهبها الله - عَزَّ وَجَلَّ - منك، وأما ما ذكرت من السنّ، فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من العيال، فانما عيالك عيالي"، قالت: فقد سلمت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت أم سلمة: فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرًا منه، رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.

فهذا الحديث يخالف حديث مسلم من وجهين:

[أحدهما]: أن الحديث سمعته أم سلمة من زوجها أبي سلمة.

[والثاني]: أن الذي خطبها هو النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بنفسه، ولم يُرسل غيره.

[قلت]: يجاب عن الأول بحمله على أنَّها سمعته أولًا من زوجها، ثم سمعته بعد ذلك منه - صلى الله عليه وسلم - مباشرةً، ومثل هذا في الأحاديث كثير.

ويُجاب عن الثاني بأن يقال: إنه أرسل أولًا غيره، ثم تقدّم إليها بنفسه للتأكيد، فأعادت عليه ما قالت للرسول من الأعذار الثلاثة، فأجابها عن كلّها بما يزيل عذرها، والله تعالى أعلم.

(فَقُلْتُ) أي: معتذرة إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خوفًا من عدم قيامها بحقوقه (إِنَّ لِي بِنْتًا) هي زينب بنت أبي سلمة؛ أي: وهي تضرّ بحسن المعاشرة الزوجيّة.

[تنبيه]: قال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: أم سلمة - رضي الله عنها - لها ابنتان من أبي سلمة بن عبد الأسد المخزوميّ - رضي الله عنه -: إحداهما: دُرّة، والأخرى: زينب. انتهى.

(وَأَنَا غَيُورٌ) أي: كثيرة المغيرة، وهي تؤدّي إلى عدم الوفاء بحقوق