إليهم، فكأنهم دعوا على أنفسهم بشرّ، أو يكون المعنى كما في قوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} الآية [النساء: ٢٩]؛ يعني بعضكم بعضًا. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: ما ذكره القرطبيّ من الاحتمالين مما لا يخفى بُعده، بل المعنى هو ما ذكرناه أَوّلًا، فتبصّر.
(فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ") أي: في دعائكم من خير أو شرّ (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ) بتشديد الياء الأولى؛ أي: اجعله في زمرة الذين هديتهم إلى الإسلام، ورفعت درجتهم به (وَاخْلُفْهُ) بوصل الهمزة، وضمّ اللام، من خَلَف يَخلُفُ: إذا قام مقام غيره في رعاية أمره، وحفظ مصالحه؛ أي: كن خليفة له (فِي عَقِبِهِ) بكسر القاف؛ أي: أولاده، وقيل: من يعقُبه، ويتأخّر عنه من ولد وغيره، ولذا أبدل عن "عقبه" قوله: (فِي الْغَابِرِينَ) بإعادة الجارّ؛ أي الباقين في الأحياء من الناس؛ يعني كن خليفة له في أولاده الباقين، فاحفظ أمورهم، ومصالحهم، ولا تكلهم إلى غيرك.
وقال الأشرف - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "في الغابرين" بدلٌ من "عَقِبه"؛ أي: كن خليفة له في الباقين من عقبه.
قال الطيبيّ: أقول: ويمكن أن يكون "في عقبه" متعلّقًا بالفعل، و"في الغابرين" حالًا من "عقبه"، والمعنى: أوقع خلافتك في عَقِبه، حال كونهم كائنين في جملة الباقين من الناس، بأن يستميل قلوب الناس إليهم حتى يكونوا مقبولين بينهم، يُراعون أحوالهم، ينفعون ولا يضرّون. انتهى (١).
(وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ) فيه استحباب تقديم النفس في الدعاء (وَافْسَحْ) بوصل الهمزة، فعل طلب من فسح يفسح، من باب فتح؛ أي: أوسع (لَهُ فِي قَبْرِهِ) قال القاري - رَحِمَهُ اللهُ -: دعاء له بعد الضغط، وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الطويل عند أحمد وغيره:"فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجَنَّة، وألبسوه من الجَنَّة، وافتحوا له بابًا إلى الجَنَّة، قال: فيأتيه من رَوْحها وطيبها، ويُفْسَح له في قبره مَدَّ بصره".