وقد استُشكِل ذلك، من حيث إن أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أن أمامة بنت أبي العاص من زينب بنت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، عاشت بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حتى تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة، ثم عاشت عند عليّ حتى قُتل عنها.
ويجاب بأن المراد في حديث الباب:"أن ابنا لي قُبض"؛ أي: قارب أن يُقبض، ويدلّ على ذلك أن في رواية حماد:"أرسلت تدعوه إلى ابنها في الموت"، وفي رواية شعبة:"أن ابنتي قد حُضِرَت"، وهو عند أبي داود من طريقه:"أن ابني"، أو "ابنتي"، وقد قدَّمنا أن الصواب قول من قال:"ابنتي"، لا "ابني".
ويؤيّده ما رواه الطبرانيّ في ترجمة عبد الرَّحمن بن عوف، في "المعجم الكبير" من طريق الوليد بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف، عن أبيه، عن جدّه، قال:"استُعِزَّ بأمامة بنت أبي العاص، فبَعَثَت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه، تقول له … "، فذكر نحو حديث أسامة، وفيه مراجعة سعد في البكاء، وغير ذلك. وقوله في هذه الرواية:"استُعِزّ" - بضم المثناة، وكسر المهملة، وتشديد الزاي -: أي اشتدّ بها المرض، وأشرفت على الموت.
قال: والذي يظهر لي أن الله تعالى أكرم نبيّه - صلى الله عليه وسلم - لَمَا سَلَّمَ لأمر ربه، وصبّر ابنته، ولم يملك مع ذلك عينيه من الرحمة، والشفقة، بأن عافى الله ابنة ابنته في ذلك الوقت، فخَلَصَت من تلك الشدّة، وعاشت تلك المدَّة، وهذا ينبغي أن يُذكَر في دلائل النبوّة، والله المستعان. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن الجمع بين هذه الروايات بتعدد الواقعة أولي، من تخطئة الرواية الصحيحة، فالصواب في حديث الباب أن المحتضر "ابن"، لا "ابنة"، كما هو نصّ حديث الباب.
ثم رأيت القسطلّانيّ نقل عن البرماويّ بأنه جمع بين ذلك باحتمال تعدد الواقعة في بنت، أو بنتين، أرسلت زينب في عليّ، أو أمامة، أو رقيّةُ في عبد الله بن عثمان، أو فاطمة في ابنها محسن بن عليّ. انتهى. والله تعالى أعلم.
(فِي الْمَوْتِ) أي: في الاحتضار للموت، وفي رواية البخاريّ: "إن ابنًا