لي قُبِضَ فأتنا" وهو بالبناء للمفعول؛ أي: قرُب من أن يُقبَض؛ أي: هو في حالة القبض، ومعالجة الروح، فأطلقت القبض مجازًا، باعتبار أنه في حالة كحالة النزع.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لِلرَّسُولِ) أي: للرجل الذي أرسلته ابنته ("ارْجِعْ إِلَيْهَا) وفي رواية البخاريّ: "فَأَرْسَلَ، يَقْرَأ السَّلَامَ، ويقول: إن لله ما أخذ … "(فَأَخْبِرْهَا أَنَّ للهِ) بفتح همزة "أنّ"، فهو بتقدير جر الجرّ؛ أي: بأن لله (مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى) أي: فلا حيلة إلَّا الصبر، وقدّم ذكر الأخذ على الإعطاء، وإن كان متأخرًا في الواقع؛ لأن المقامَ يقتضيه، والمعنى أن الذي أراد أن يأخذه هو الذي كان أعطاه، فإن أخذه أخذ ما هو له، فلا ينبغي الجزع؛ لأن مُستَودَعَ الأمانة لا ينبغي له أن يجزع إذا استعيدت منه، ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالإعطاء إعطاء الحياة لمن بقي بعد الميت، أو ثوابهم على المصيبة، أو ما هوأعمّ من ذلك. أفاده في "الفتح".
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "إن لله ما أخذ": معناه الحثّ على الصبر، والتسليم لقضاء الله تعالى، وتقديره أن هذا الذي اخذ منكم كان له، لا لكم، فلم يأخذ إلَّا ما هو له، فينبغي أن لا تَجزَعوا، كما لا يجزع من استُرِدّت منه وديعةٌ أو عاريةٌ.
وقوله:"وله ما أعطى": معناه: أن ما وهبه لكم ليس خارجًا عن ملكه، بل هو - عَزَّ وَجَلَّ - يفعل فيه ما يشاء. انتهى.
ولفظ "ما" في الموضعين مصدريّة؛ أي: إن لله الأخذ والإعطاء، ويحتمل أن تكون موصولة، والعائد محذوف؛ للدلالة على العموم، فعلى الأول التقدير إن لله الأخذَ والإعطاءَ؛ أي: أخذ الأولاد، وإعطاءهم، أو ما هوأعمّ من الأولاد، وعلى الثاني: إن لله الذي أخذه من الأولاد، وله الذي أعطى منهم، أو ما هو أعمّ من ذلك.
(وَكُلُّ شَيْءٍ) أي: من الأخذ والإعطاء، أو من الأنفس، أو ما هوأعمّ من ذلك (عِنْدَهُ) - عَزَّ وَجَلَّ - (بِأَجَلٍ مُسَمًّى) أي: مقدَّر بأجل معلوم، و"الأجل" يطلق على الحدّ الأخير، وعلى مجموع العمر.
وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: معنى قوله: "وكل شيء عنده بأجل مسمى":