وقيل: إنه يُجمَع بأن الإذن بالبكاء قبل الموت، والنهي عنه بعده، ويردّه ما تقدم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من قصّة زجر عمر للباكيات، وحديث عائشة - رضي الله عنها - في قصّة موت سعد بن معاذ، وبكاء أبي بكر وعمر المتقدّم، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة بكاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عند زيارة قبر أمه، وحديث جابر - رضي الله عنه - في قصة استشهاد أبيه، وبكاء عمته عليه، وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قصة بكاء النساء على زينب ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكلها وقعت بعد الموت، فليُتنبّه.
وقيل: يجمع بحمل النهي عن البكاء بعد الموت على الكراهة، وقد تقدّم نقله عن الإمام الشافعيّ رحمه الله، لكن حمله أصحابه على كراهة التحريم.
والحاصل أن الجمع الأول هو الحقّ والصواب، كما أفاده العلامة الشوكانيّ رحمه الله (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: