للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (فَإِيَّاكُمْ إِيَّاكُمْ") هكذا هو في الروايات "إياكم إياكم" مرتين، وكذا هو عند ابن منده في "الإيمان ووقع عند أبي نعيم: "فإياكم وإياكم" بواو العطف.

ومعناه: احذروا احذروا، يقال: إياك وفلانًا، أي احذره، ويقال: إياك، أي احذر، من غير ذكر فلان كما وقع هنا، قاله النوويّ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا التركيب يُسمّى عند النحاة بالتحذير، ونظيره الإغراء، لكنه بدون لفظة "إيا"، قال في "الخلاصة":

"إِيَّاكَ وَالشَّرَّ" وَنَحْوَهُ نَصَبْ … مُحَذِّرٌ بِمَا اسْتِتَارُهُ وَجَبْ

وَدُونَ عَطْفٍ ذَا لِـ "إِيّا" انْسُبْ وَمَا … سِوَاهُ سَتْرُ فِعْلِهِ لَنْ يَلْزَمَا

إِلَّا مَعَ الْعَطْفِ أَوِ التَّكْرَارِ … كَـ"الضَّيْغَمَ الضَّيْغَمَ" يَا ذَا السَّارِي

وَشَذَّ "إِيَّايَ" وَ"إِيَّاهُ" أَشَذْ … وَعَنْ سَبِيلِ الْقَصْدِ مَنْ قَاسَ انْتَبَذْ

وَكَمُحَذَرٍ بِلَا "إِيَّا" اجْعَلَا … مُغْرًى بِهِ فِي كُلِّ مَا قَدْ فُصِّلَا

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢١٥] ( … ) - (حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا، وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ").

رجال هذا الإسناد ستة:

كلهم تقدّموا قبل بابين، و"ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ" هو: محمد بن إبراهيم بن أبي عديّ البصريّ، و "سُلَيْمَانُ" هو الأعمش، و"ذكوان" هو أبو صالح.


(١) "شرح مسلم" ٢/ ٤٥.